للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَ عُرْوَةُ: أَلسْتُ أَسْعَى في غَدْرَتِكَ (١).

وَكَانَ المُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا في الجَاهِلِيَّةِ فَقتَلَهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ.

فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَمَّا الإِسْلَامُ فَأَقْبِلُ، وَأَمَّا المَالُ فَلَسْتُ مِنْهُ في شَيْءٍ" (٢).

ثُمَّ كَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عُرْوَةَ بِمِثْلِ مَا كَلَّمَ بِهِ أَصْحَابَهُ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ يُرِيدُ حَرْبًا (٣).

* حُبٌّ لَا مَثِيلَ لَهُ:

ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ (٤) أصْحَابَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِعَيْنَيْهِ، فَمَا تَنَخَّمَ رَسُولُ


(١) أخرجه البخاري في صحيحه - رقم الحديث (٢٧٣١) - (٢٧٣٢).
(٢) ذكر ابن سعد في طبقاته (٤/ ٤٦١): أن المغيرة بن شعبة قبل إسلامه قَتَل ثلاثة عشر رجلًا من بني مالك من ثَقيف، كان وَفِدَ هو وإياهُمْ مِصْرَ علي المُقَوْقِسِ، فأحسَنَ إليهم وأعطاهم وقَصَّر بالمغيرة، فحصلت له الغيرة منهم، فلما كانوا بالطريق شَرِبُوا الخمر، فلما سَكِرُوا وناموا، وثَبَ عليهم المغيرة فقتلهم وأخَذَ أموالهم، ثم قدم المدينة وأسْلَمَ، فقال له الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: أما الإسلام فأقْبَل، وأما المال فلستَ منه في شيء، وبلغ ذلك ثقيفًا فتهايَجَ الحَيَّان من ثقيف: بنو مالكٍ رهط المقتولين، والأحلاف رهْطُ المغيرة، فودى عُرْوَةُ المقتولين ثلاث عشرة دية وأصلح ذلك الأمر. فهذا معنى قول عروة بن مسعود: ألست أسعى في غدرتك.
(٣) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب الشروط - باب الشروط في الجهاد - رقم الحديث (٢٧٣١) - (٢٧٣٢) والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٨٩١٠).
(٤) يَرْمُق: بضم الميم أي ينظر. انظر لسان العرب (٥/ ٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>