للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَلَمَةُ -رضي اللَّه عنه- لَمَّا بَادَرَ إِلَى المُبايَعَةِ ثُمَّ قَعَدَ قَرِيبًا، وَاسْتَمَرَّ النَّاسُ يُبَايِعُونَ إِلَى أَنْ خَفُّوا، أَرَادَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْهُ أَنْ يُبَايِعُ لِتَتَوَالَى المُبايَعَةُ مَعَهُ وَلَا يَقَعَ فِيهَا تَخَلُّلٌ؛ لِأَنَّ العَادَةَ في مَبْدَأ كُلِّ أَمْرٍ أَنْ يَكْثُرَ مَنْ يُبَاشِرُهُ فَيَتَوَالَى، فَإِذَا تَنَاهَى قَدْ يَقَعُ بَيْنَ مَنْ يَجِيءُ آخِرًا تَخَلُّلٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اخْتِصَاصُ سَلَمَةَ -رضي اللَّه عنه- بِمَا ذُكِرَ، وَالوَاقِعُ أَنَّ الذِي أَشَارَ إِلَيْهِ ابنُ بَطَّالٍ مِنْ حَالِ سَلَمَةَ في الشَّجَاعَةِ وَغَيْرِهَا لَمْ يَكُنْ ظَهَرَ بَعْدُ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا وَقَعَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ في "غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ" (١)، حَيْثُ اسْتَعَادَ السَّرْحَ (٢) الذِي كَانَ المُشْرِكُونَ أغَارُوا عَلَيْهِ، وَكَانَ آخِرَ أَمْرِهِ أَنْ أَسْهَمَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَهْمَ الفَارِسِ وَالرَّاجِلِ، فَالأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: تَفَرَّسَ فِيهِ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذَلِكَ فَبَايَعَهُ مَرَّتَيْنِ (٣).

* بَيْعَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنْ عُثْمَانَ -رضي اللَّه عنه-:

ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أخَذَ بِيَدِهِ اليُمْنَى وَقَالَ: "هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ"، فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ اليُسْرَى، وَقَالَ: "هَذِهِ لِعُثْمَانَ" (٤).

فَنَالَ عُثْمَانُ -رضي اللَّه عنه- بِذَلِكَ فَضْلَ البَيْعَةِ.

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ في جَامِعِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ:


(١) ستأتي غزوة ذي قرد إن شاء اللَّه.
(٢) السَّرح: الماشية. انظر النهاية (٢/ ٣٢٢).
(٣) انظر فتح الباري (١٥/ ١١١).
(٤) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب فضائل الصحابة - باب مناقب عثمان -رضي اللَّه عنه- رقم الحديث (٣٦٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>