للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَنْبِهِ وَيَقُولُ لَهُ: اصْبِرْ يَا أبَا جَنْدَلٍ، فَإِنَّمَا هُمُ المُشْرِكُونَ، وَإِنَّمَا دَمُ أَحَدِهِمْ دَمُ كَلْبٍ، وَيُدْنِي قَائِمَ السَّيْفِ (١) مِنْهُ، يَقُولُ عُمَرُ -رضي اللَّه عنه-: رَجَوْتُ أَنْ يَأْخُذَ السَّيْفَ فَيَضْرِبَ بِهِ أَبَاهُ، فَضَنَّ (٢) الرَّجُلُ بِأَبِيهِ، وَنَفَدَتِ القَضِيَّةُ (٣).

أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ (٤)، وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ أَمْرَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-صلى اللَّه عليه وسلم- لَرَدَدْتُهُ (٥).

قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ: ذَكَرَ سَهْلُ بنُ حُنَيْفٍ -رضي اللَّه عنه- مَا وَقَعَ لَهُمْ بِالحُدَيْبِيَةِ، وَأَنَّهُمْ رَأَوْا يَوْمَئِذٍ أَنْ يَسْتَمِرُّوا عَلَى القِتَالِ وَيُخَالِفُوا مَا دُعُوا إِلَيْهِ مِنَ الصُّلْحِ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الأَصْلَحَ هُوَ الذِي كَانَ شَرَعَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِيهِ (٦).

* حُزْنُ المُسْلِمِينَ مِنْ شرُوطِ الصُّلْحِ وَمَوْقِفُ عُمَرَ -رضي اللَّه عنه-:

وَلَمْ يَكُنْ أَحَد مِنَ المُسْلِمِينَ رَاضِيًا عَلَى هَذَا الصُّلْحِ، إِلَّا أَبُو بَكْرٍ


(١) قائِمُ السيف: مِقْبَضُه. انظر لسان العرب (١١/ ٣٥٨).
(٢) فَضَنَّ: أي بَخِلَ. انظر لسان العرب (٨/ ٩٤).
(٣) أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٨٩١٠) وإسناده حسن.
(٤) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (٥/ ٤٢٠): أراد يومَ الحديبية، وإنما نسَبَهُ لأبي جندل، لأنه لم يكن فيه على المسلمين أشَدّ من قصته.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الجزية والموادعة - باب (١٨) - رقم الحديث (٣١٨١) - وأخرجه في كتاب المغازي - باب غزوة الحديبية - رقم الحديث (٤١٨٩) - وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب صلح الحديبية - رقم الحديث (١٧٨٥) (٩٥).
(٦) انظر فتح الباري (٩/ ٥٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>