للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: "لَمْ يَشُكُّوا" (١).

قَالَ الإِمَامُ الطَّحَاوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: فَكَانَ في هَذَا الحَدِيثِ تَفْضِيلُ المُحَلِّقِينَ عَلَى المُقَصِّرِينَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَشُكُّوا، فَكَانَ في ذَلِكَ إِثْبَاتُ الشَّكِّ عَلَى المُقَصِّرِينَ، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمَا كَانَ شَكُّ المُقَصِّرِينَ في ذَلِكَ؟

لِأَنَهُ كَانَ في قُلُوبِهِمْ أَنَّهُمْ رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَلَقَ في غَيْرِ مَوْضِعِ الحَلْقِ الذِي كَانُوا يَعْلَمُونَ الحَلْقَ فِيهِ، وَيَقِفُونَ عَلَيْهِ مِنْ شَرِيعَتِهِ، وَقَدْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَكُونَ اقْتِدَاؤُهُمْ وَاتِّبَاعُهُمْ لَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِيمَا رَأَوْهُ يَفْعَلُهُ أَوْثَقَ فِي قُلُوبِهِمْ مِمَّا تَقَدَّمَ عِلْمُهُمْ لَهُ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَكَانُوا بِذَلِكَ مُقَصِّرِينَ في الوَاجِبِ لَهُ عَلَيْهِمْ -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذَلِكَ، وَكَانَ الحَالِقُونَ فَاعِلِينَ لِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنِ امْتِثَالِ فِعْلِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَتَرْكِ التَّخَلُّفِ عَنِ القُدْوَةِ بِهِ، فَفَضَلُوا بِذَلِكَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ مِثْلِهِ، لَا لِفَضْلٍ في الحَلْقِ عَلَى التَّقْصِيرِ (٢).

* نَحْرُ الهَدْيِ:

ثُمَّ نَحَرَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الهَدْيَ، فكَانَتِ البَدَنَةُ (٣) عَنْ سَبْعَةٍ، وَالبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ، فَقَدْ أَخْرَجَ الإِمَامُ مُسْلِم في صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَامَ الحُدَيْبِيَةِ البَدَنَةَ عَنْ


(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٣٣١١) - وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (١٣٦٤).
(٢) انظر شرح مشكل الآثار (٣/ ٣٩٣).
(٣) البَدَنَة: الناقة سميت بدنه لعظمها وسمنها. انظر النهاية (١/ ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>