للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُ، فَضَرَبَهُ حَتَّى بَرَدَ (١)، وَفَرَّ الآخَرُ -وَهُوَ المَوْلَى (٢) - حَتَّى أتَى المَدِينَةَ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ يَعْدُو يَطِنُّ (٣) الحَصَا مِنْ شِدَّةِ سَعْيِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حِينَ رَآهُ: "لَقَدْ رَأى هَذَا ذُعْرًا" (٤)، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: قُتِلَ وَاللَّهِ صَاحِبِي وَإِنِّي لَمَقْتُولٌ (٥).

فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ -رضي اللَّه عنه- فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ وَاللَّهِ أَوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَكَ (٦) قَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ، ثُمَّ أَنْجَانِيَ اللَّهُ مِنْهُمْ.

فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَيْلَ أُمِّهِ (٧) مِسْعَرَ (٨) حَرْبٍ لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ" (٩)، فَلَمَّا


(١) قال الحافظ في الفتح (٥/ ٧٠٢): حَتَّى بَرَدَ: أي حَتَّى خَمَدَتْ حواسُّه، وهي كناية عن الموت، لأنَّ الميت تسكُنُ حرَكْتُهُ.
وفي رواية ابن إسحاق في السيرة (٣/ ٣٥٢): فعلاه بالسيف حَتَّى قتله.
(٢) في رواية ابن إسحاق في السيرة (٣/ ٣٥٢). وخرج المولى سَرِيعًا حَتَّى أتى رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(٣) الطَّنِينُ: صوتُ الشيء الصلب. انظر النهاية (٣/ ١٢٧).
(٤) ذُعرًا: أي خَوْفًا. انظر النهاية (٢/ ١٤٩).
وفي رواية ابن إسحاق في السيرة (٣/ ٣٥٢): قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فزعًا".
(٥) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (٥/ ٧٠٢): أي: إن لم تَرُدُّوهُ عَنِّي.
(٦) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (٥/ ٧٠٢): أي فليسَ عليكَ مِنْهُمْ عِقَابٌ فيما صَنَعْتُ أنا.
(٧) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (٥/ ٧٠٢): وَيلُ أُمِّه: بضم اللام، وكسر الميم المشددة، وهي كلمة ذَمٍّ تقولها العرب في المدح، ولا يقصدون معنى ما فيها مِنَ الذم.
(٨) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (٥/ ٧٠٢): مِسْعَر: بكسر الميم وسكون السين وفتح العين: أي يُسَعِّرها.
(٩) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (٥/ ٧٠٣): أي ينصره ويُعَاضِدُه ويناصره، وفيه إشارة إليه بالفِرار لِئلَّا يرده إلى المشركين.

<<  <  ج: ص:  >  >>