للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَأْنِي وَشَأْنْهُمْ أَتْبَعُهُمْ فَأَرْتَجِزُ (١)، حَتَّى مَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ ظَهْرِ (٢) رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَّا خَلَّفْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي، فَاسْتَنْقَذْتُهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ، ثُمَّ لَمْ أَزَلْ أَرْمِيهِمْ حَتَّى أَلقوْا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ رُمْحًا، وَأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ بُرْدَةً (٣) يَسْتَخِفُّونَ مِنْهَا، وَلَا يُلْقُونَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا جَعَلْتُ عَلَيْهِ أَرَامًا (٤) مِنْ حِجَارَةٍ، يَعْرِفُهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَصْحَاُبهُ، حَتَّى أَتَوْا مُتَضَايِقًا مِنْ ثَنِيَّةٍ (٥) فَجَلَسُوا يَتَغَدَّوْنَ، وَجَلَسْتُ عَلَى رَأْسِ قَرْنٍ (٦)، فَأَتَاهُمْ عُيَيْنَةُ بنُ بَدْرٍ الفَزَارِيُّ مَدَدًا لَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ: مَا هَذَا الذِي أَرَى؟

قَالُوا: لَقِينَا مِنْ هَذَا البَرْحَ (٧)، مَا فَارَقَنَا بِسَحَرٍ (٨) حَتَّى الآنَ، وَأَخَذَ كُلَّ شَيْءٍ فِي أَيْدِينَا، وَجَعَلَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، فَقَالَ عُيَيْنَةُ: لَوْلَا أَنَّ هَذَا يَرَى أَنَّ وَرَاءَهُ طَلَبًا لَقَدْ تَرَكَكُمْ، لِيَقُمْ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْكُمْ، فَقَامَ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ، فَصَعَدُوا فِي الجَبَلِ، فَلَمَّا أَسْمَعْتُهُمُ الصَّوْتَ، قُلْتُ: أَتَعْرِفُونِي؟ قَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَنَا


(١) الرجز: بحرٌ من بحور الشعر معروف، ونوع من أنواعه. انظر النهاية (٢/ ١٨٢).
(٢) الظهر: الإبل. انظر النهاية (٣/ ١٥١).
(٣) البُردة: نوع من الثياب معروف. انظر النهاية (١/ ١١٦).
(٤) الَارَامُ: الأعلام وهي حجارة تُجمع وتُنصب في المَفَازَة -أي الصحراء- يُهتدى بها. انظر النهاية (١/ ٤٤).
(٥) الثَّنِيَّة في الجبل: هو الطريق العالي فيه. انظر النهاية (١/ ٢٢٠).
(٦) قَرْن الجبل: بفتح القاف وسكون الراء أعلاه. انظر لسان العرب (١١/ ١٣٥).
وفي رواية الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٦٥٣٩) قال سلمة -رضي اللَّه عنه-: ثم علوت الجبل.
(٧) البَرْحُ: الشدة. انظر النهاية (١/ ١١٣).
(٨) في رواية الإِمام مسلم في صحيحه قالوا: ما فارقنا منذ غَلَس.
والغَلَس: ظلمة آخر الليل، وهو وقت السحر. انظر النهاية (٣/ ٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>