للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-رضي اللَّه عنه-، وَعَلَى أَثَرِهِ أَبُو قتَادَةَ فَارِسُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَعَلَى أَثَرِ أَبِي قتَادَةَ -رضي اللَّه عنه- المِقْدَادُ بنُ عَمْرٍو -رضي اللَّه عنه-، قَالَ: فَوَلَّى المُشْرِكُونَ مُدْبِرِينَ، وَنَزَلْتُ مِنَ الجَبَلِ، فَأَخَذْتُ بِعَنَانِ (١) فَرَسِ الأَخْرَمِ، وَقُلْتُ لَهُ: يَا أَخْرَمُ! احْذَرِ القَوْمَ لَا يَقْتَطِعُوكَ حَتَّى يَلْحَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَصْحَاُبهُ، فَقَالَ: يَا سَلَمَةُ إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، وَتَعْلَمُ أَنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ، فَلَا تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ، قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنَانَ فَرَسِهِ، وَلَحِقَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُيَيْنَةَ، فَأَدْرَكَهُ فَاخْتَلَفَا طَعْنَتَيْنِ، فَعَقَرَ الأَخْرَمُ فَرَسَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَطَعَنَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ (٢)، فتَحَوَّلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى فَرَسِ الأَخْرَمِ.

فَلَحِقَ أَبُو قتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ، وَغَشَّاهُ (٣) بُرْدَهُ، ثُمَّ تَحَوَّلَ أَبُو قتَادَةَ عَلَى فَرَسِ الأَخْرَمِ، ثُمَّ لَحِقَ القَوْمَ.

فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ القَتِيلَ مُسَجًّى (٤) بِبُرْدَةِ أَبِي قَتَادَةَ -رضي اللَّه عنه- اسْتَرْجَعُوا، وَقَالُوا: قُتِلَ أَبُو قتَادَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ: "لَيْسَ بِأَبِي قَتَادَةَ، وَلَكِنَّهُ قَتِيلٌ لِأَبِي قَتَادَةَ وَضَعَ عَلَيْهِ بُرْدَهُ، لِتَعْرِفُوا أَنَّهُ صَاحِبَهُ".


(١) العَنَان: سَيْر اللجام. انظر النهاية (٣/ ٢٨٣).
(٢) روى ابن سعد في طبقاته (٣/ ٥٢) عن محرز بن نضلة -رضي اللَّه عنه- أنه قال: رأيت في منامي أن سماءَ الدنيا أُفرِجت لي حتى دخلتُها حتى انتهجت إلى السماء السابعة ثم انتهيتُ إلى سدرة المنتهى فقيل في: هذا منزلك، فعرضتها على أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه-، وكان مِنْ أعْبَرِ الناس، فقال: أبْشِرْ بالشهادة، فُقتل بعد ذلك بيومٍ في غزوة الغابة، وهي غزوة ذي قَرَد.
(٣) غشَّاه: بفتح الغين وتشديد الشين أي غطاه. انظر النهاية (٣/ ٣٣١).
(٤) مُسَجّى: أي مغطى. انظر النهاية (٢/ ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>