للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَدْرَكَ عُكَّاشَةُ بنُ مُحْصِنٍ -رضي اللَّه عنه- أَوْبَارًا (١) أَوِ ابْنَهُ عَمْرَو بنَ أَوْبَارٍ، وَهُمَا عَلَى بَعِيرٍ وَاحِدٍ، فَانْتَظَمَهُمَا بِالرُّمْحِ فَقَتَلَهُمَا جَمِيعًا.

قَالَ سَلَمَةُ -رضي اللَّه عنه-: ثُمَّ إِنِّي خَرَجْتُ أَعْدُو عَلَى رِجْلَيَّ فِي أَثَرِ القَوْمِ حَتَّى مَا أَرَى مِنْ غُبَارِ صَحَابَةِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- شَيْئًا، حَتَّى يَعْدِلُوا (٢) قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى شِعْبٍ فِيهِ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ: ذُو قَرَدٍ، فَأَرَادُوا أَنْ يَشْرَبُوا مِنْهُ، وَهُمْ عِطَاشٌ، فَأَبْصَرُونِي أَعْدُو وَرَاءَهُمْ، فَعَطَفُوا (٣) عَنْهُ، فَمَا ذَاقُوا مِنْهُ قَطْرَةً، وَاشْتَدُّوا فِي الثَّنِيَّةِ -ثَنِيَّةِ ذِي نَثْرٍ- وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَأَلْحَقُ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَأَرْمِيهِ، فَقُلْتُ: خُذْهَا

وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ ... وَالْيَوْمَ يَوْمُ الرُّضَّعِ

فَأَصَابَهُ بِسَهْمٍ، فَأَصَابَ كَتِفَهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ:

يَا ثُكَلَ أُمِّ (٤)، أَكْوَعُ بُكْرَةَ (٥)، فَقَالَ سَلَمَةُ: نَعَمْ يَا عَدُوَّ نَفْسِهِ، فَأَتْبَعْتُهُ سَهْمًا آخَرًا، فَعَلِقَ بِهِ سَهْمَانِ، ويُخَلِّفُونَ فَرَسَيْنِ، فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَحِقَنِي عَامِرٌ بِسَطْحِيَّةٍ (٦) فِيهَا مَذْقَةٌ (٧) مِنْ لَبَنٍ، وَسَطْحِيَّةٌ فِيهَا


(١) هذه رواية ابن إسحاق في السيرة (٣/ ٣١٢) - وفي رواية ابن سعد في طبقاته (٢/ ٢٩٠): أثار، فاللَّه أعلم.
(٢) عدل: رجع. انظر لسان العرب (٩/ ٨٦).
(٣) عطف: انصرف. انصرف. لسان العرب (٩/ ٢٦٨).
(٤) ثكِلَتْكَ أُمُّك: أي فقدتك. انظر النهاية (١/ ٢١٢).
(٥) أكوع بكرة: أي أنت الأكوع الذي كان قد تبعنا بُكرة هذا النهار. انظر النهاية (٤/ ١٨٢).
(٦) قال الإِمام النووي في شرح مسلم (١٢/ ١٥١): السَّطْحِيّة: إناء من جلود سطح بعضها على بعض.
(٧) قال الإِمام النووي في شرح مسلم (١٢/ ١٥١): المَذْقَة: بفتح الميم وإسكان الذال: قليل من لبن ممزوج بماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>