للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ تَعَالَى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى. . .} (١). فصَارَ قِيَامُ الليْلِ تَطَوُّعًا بعْدَ فَرْضِيَّيهِ.

روَى الإِمَامُ مسلِمٌ في صَحِيحِهِ عَنْ سَعِيدِ بنِ هِشَامٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنْبِئِينِي عَنْ قِيَامِ رسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-. قالَتْ: أَلسْتَ تَقْرأُ: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}؟ .

قُلْتُ: بَلَى. قالَتْ: فإنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ قِيَامَ الليْلِ في أوَّل هذِهِ السُّورَةِ، فَقَامَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَأصحاُبهُ حَوْلًا، وَأَمْسَكَ اللَّهُ خَاتِمَتَهَا (٢) اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا فِي السَّمَاءِ، حتَّى أنْزَلَ اللَّهُ، في آخِرِ هذِهِ السُّورَةِ، التَّخْفِيفَ، فَصارَ قِيَامُ الليْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ (٣).

قال الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: في قَوْلِ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا هَذَا، ظَاهِرُهُ أَنَّهُ صَارَ تَطَوُّعًا فِي حَقِّ رسول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- والأُمَّةِ، فأمَّا الأُمَّةُ فهُوَ تَطَوُّعٌ في حَقِّهِمْ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فاختَلَفُوا في نَسْخِهِ في حَقِّهِ، والأصَحُّ عِنْدَنَا نَسْخُهُ (٤).


(١) سورة المزمل آية (٢٠).
(٢) قولُها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وأمسَكَ اللَّه خَاتِمَتَهَا: تعني أنها مُتَأخِّرَةُ النُّزول عمَّا قبلها، وهي قوله تَعَالَى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ. . .} إلى آخر سورة المزمل.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب صلاة المسافرين وقصرها - باب جامع صلاة الليل، ومن نامَ عنه أو مرض - رقم الحديث (٧٤٦).
(٤) انظر صحيح مسلم بشرح النووي (٦/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>