للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا كَلَّمَ مُوسَى عليهِ السَّلامُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ حتَّى قَالَ: {أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} (١)، وقولُهُ تَعَالَى: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} فهُوَ إرْسَالُ الرُّوحِ الأمِينِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} (٢).

وقد كان لنبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- جميع هذه الأنواع، فقال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في رؤياه: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} (٣).

* خَوْفُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ نِسْيَانِ القُرْآنِ:

وَكَانَ رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَخَافُ مِنْ نِسْيَانِ الوَحْي، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، في قولِهِ تَعَالَى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُعَالِجُ (٤) مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً، وَكَانَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ. . فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} (٥) قَالَ: جَمْعَهُ في صَدْرِكَ وَتَقْرَأهُ، . . {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}. .، قَالَ: فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأنْصِتْ، {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ، فَكَانَ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أتَاهُ جِبْرِيلُ عليهِ السَّلامُ اسْتَمَعَ، فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قرَأَهُ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَمَا أقْرَأهُ (٦).


(١) سورة الأعراف آية (١٤٣).
(٢) سورة الشعراء الآية (١٩٣ - ١٩٤).
(٣) سورة الفتح آية (٢٨) - وانظر كلام الإمام البغوي في شرح السنة (١٣/ ٣٢٤).
(٤) قال الحافظ في الفتح (١/ ٤٣): المعالجة: هي محاولة الشيء بمشقة.
(٥) سورة القيامة آية (١٦ - ١٧).
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب بدء الوحي - رقم الحديث (٥) - وأخرجه في كتاب التفسير - باب فإذا قَرَآناهُ فاتَّبعْ قُرْآنَهُ - رقم الحديث (٤٩٢٩) - ومسلم في صحيحه - كتاب الصلاة - باب الاستماع للقراءة - رقم الحديث (٤٤٨) (١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>