للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: لَا وَاللَّهِ، لَقَدْ أَبَى عَلَيَّ، وَقَدْ تَتَبَّعْتُ أَصْحَابَهُ، فَمَا رَأَيْتُ قَوْمًا لِمَلِكٍ عَلَيْهِمْ أَطْوَعَ مِنْهُمْ لَهُ، فَجِئْتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ خَيْرًا، ثُمَّ جِئْتُ ابْنَ الخَطَّابِ فَوَجَدْتُهُ أَعْدَى العَدُوِّ، ثُمَّ جِئْتُ عَلِيًّا فَوَجَدْتُهُ أَلْيَنَ القَوْمِ، وَقَدْ أَشَارَ عَلَيَّ بِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ، فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي هَلْ يُغْنِي ذَلِكَ شَيْئًا أَمْ لَا؟ .

قَالُوا: بِمَ أَمَرَكَ؟ .

قَالَ: أَمَرَنِي أَنْ أُجِيرَ بَيْنَ النَّاسِ، وَقَالَ لِي: لِمَ تَلْتَمِسُ جِوَارَ النَّاسِ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَلَا تُجِيرُ أَنْتَ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْمِكَ، وَأَنْتَ سَيِّدُ قُرَيْشٍ، وَأَكْبَرُهَا، وَأَحَقُّهَا أَنْ يُخْفَرَ جِوَارُهُ، فَفَعَلْتُ.

قَالُوا: فَهَلْ أَجَازَ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ؟

قَالَ: لَا، وَإِنَّمَا قَالَ: "أَنْتَ تَقُولُ ذَلِكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ؟ ".

فَقَالُوا لَهُ: وَيْلَكَ! وَاللَّهِ إِنْ زَادَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ لَعِبَ بِكَ، وَجِئْتَنَا بِمَا لَا يُغْنِي عَنْكَ وَلَا عَنَّا شَيْئًا.

قَالَ: وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ غَيْرَ ذَلِكَ (١).

* تَهَيُّؤُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِلْغَزْوِ وَكِتْمَانُهُ الأَمْرَ:

ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنْ تُعِدَّ لَهُ جَهَازَهُ (٢)، وَلَا


(١) انظر سيرة ابن هشام (٤/ ٤٤) - الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (٢/ ٣١٧) - دلائل النبوة للبيهقي (٥/ ٩ - ١٠).
(٢) تجهيزُ الغازي: إعدادُ ما يحتاج إليه في غزوه. انظر النهاية (١/ ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>