للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ هَذَا الحُكْمِ -أَيْ عَدَمِ تَوْرِيثِ المُسْلِمِ الكَافِرَ- فِي أَوَائِلِ الإِسْلَامِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الهِجْرَةُ لَمَّا وَقَعَتْ اسْتَوْلَى عَقِيلٌ وَطَالِبٌ عَلَى مَا خَلَّفهُ أَبُو طَالِبٍ -وَكَانَ قَدْ مَاتَ قَبْلَ الهِجْرَةِ- وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ قَدْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَا خَلَفهُ عَبْدُ اللَّهِ وَالِدُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لِأَنَّهُ كَانَ شَقِيقَهُ، فَلَمَّا وَقَعَتِ الهِجْرَةُ وَلَمْ يُسْلِمْ طَالِبٌ، وَتَأَخَّرَ إِسْلَامُ عَقِيلٍ، اسْتَوْلَيَا عَلَى مَا خَلَّفَ أَبُو طَالِبٍ، وَمَاتَ طَالِبٌ قَبْلَ بَدْرٍ، وَتَأَخَّرَ عَقِيلٌ، فَلَمَّا تَقَرَّرَ حُكْمُ الإِسْلَامِ بِتَرْكِ تَوْرِيثِ المُسْلِمِ مِنَ الكَافِرِ، اسْتَمَرَّ ذَلِكَ بِيَدِ عَقِيلٍ، فَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى ذَلِكَ، وَكَانَ عَقِيلٌ قَدْ بَاعَ تِلْكَ الدُّورَ كُلَّهَا.

وَفِي قَوْلِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ دَارٍ؟ "، إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا بِغَيْرِ بَيْعٍ لَنَزَلَ فِيهَا (١).

* أَوَّلُ مَنْ وَصَلَ الزُّبَيْرُ -رضي اللَّه عنه-:

وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ وَصَلَ إِلَى الخَيْفِ هُوَ الزُّبَيْرُ بنُ العَوَّامِ -رضي اللَّه عنه-، وَنَصَبَ عِنْدَهَا رَايَتَهُ، وَضَرَبَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قُبَّةً مِنْ أَدَمٍ (٢).

* دُخُولُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَكَّةَ:

ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَكَّةَ مِنْ أَعْلَاهَا مِنْ كَدَاءَ فِي كَتِيبتِهِ الخَضْرَاءِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ المُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ بُكْرَةَ يَوْمِ الجُمُعَةِ لِعَشْرِ


= وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الحج - باب النزول بمكة للحاج - رقم الحديث (١٣٥١).
(١) انظر فتح الباري (٨/ ٣٢٧).
(٢) انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (٢/ ٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>