للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَتْ حَوْلَ الكَعْبَةِ، فكُسِرَتْ كُلُّهَا، وَنَادَى مُنَادِيهِ بِمَكَّةَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَدَع فِي بَيْتِهِ صَنَمًا إِلَّا كسَرَهُ" (١).

* السَّرَايَا وَالبُعُوث التِي بَعَثَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَثْنَاءَ وُجُودِهِ بِمَكَّةَ:

١ - سَرِيَّةُ سَعْدِ بنِ زَيْدٍ -رضي اللَّه عنه- إِلَى مَنَاةَ (٢):

أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَعْدَ بنَ زَيْدٍ الأَشْهَلِيَّ -رضي اللَّه عنه- فِي عِشْرِينَ فَارِسًا إِلَى مَنَاةَ لِيَهْدِمَهَا، وَكَانَتْ بِالمُشَلَّلِ (٣)، وَذَلِكَ لَسِتِّ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنَ العَامِ الثَّامِنِ لِلْهِجْرَةِ، فَلَمَّا انْتهَى سَعْدٌ إِلَيْهَا، قَالَ لَهُ سَادِنُهَا (٤): مَا تُرِيدُ؟ .

قَالَ: هَدْمَ مَنَاةٍ!

قَالَ: أَنْتَ وَذَاكَ، فَأَقْبَلَ سَعْدٌ يَمْشِي إِلَيْهَا، فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ عُرْيَانَةٌ سَوْدَاءُ ثَائِرَةُ الرَّأْسِ، تَدْعُو بِالوَيْلِ، وَتَضْرِبُ صَدْرَهَا، فَقَالَ لَهَا السَّادِنُ: مَنَاةُ دُونَكِ بَعْضُ غَضَبَاتِكِ! فَضَرَبَهَا سَعْدٌ -رضي اللَّه عنه- فَقتَلَهَا، وَأَقْبَلَ إِلَى بَيْتِهَا وَإِلَى الصَّنَمِ مَعَ أَصْحَابِهِ


(١) أورد هذا الحديث ابن القيم في زاد المعاد (٣/ ٣٦٤).
(٢) مَناة: بفتح الميم والنون، صنم كان لهذيل وخزاعة فِي منطقة قُديد -بالتصغير- بين مكة والمدينة. انظر النهاية (٤/ ٣١٣).
وقد ذكر اللَّه تَعَالَى هذا الصنم فِي القرآن الكريم، فقال سبحانه فِي سورة النجم آية (٢٠): {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى}.
(٣) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (٤/ ٣٠٧): المُشلَّل: بضم الميم وفتح الشين واللام الأولى المشددة.
(٤) السَّادن: هو الخادم والمتولي أمرها. انظر النهاية (٢/ ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>