للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: كَانَتِ العَرَبُ تَلَوَّمُ (١) بِإِسْلَامِهِمُ الفَتْحَ، فَيَقُولُونَ: اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ، فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ، فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ (٢).

وَقَالَ ابنُ إِسْحَاقَ: وَإِنَّمَا كَانَتِ العَرَبُ تَرَبَّصُ بِالإِسْلَامِ أَمْرَ هَذَا الحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ، وَأَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا كَانُوا إِمَامَ النَّاسِ وَهَادِيهِمْ، وَأَهْلَ البَيْتِ الحَرَامِ، وَصَرِيحَ (٣) وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ بنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَقَادَةَ العَرَبِ لَا يُنْكَرُونَ ذَلِكَ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ هِيَ التِي نَصَبَتْ (٤) لِحَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَخِلَافِهِ، فَلَمَّا افْتُتِحَتْ مَكَّةُ، وَدَانَتْ لَهُ قُرَيْشٌ، وَدَوَّخَهَا (٥) الإِسْلَامُ، وَعَرَفَتِ العَرَبُ أَنَّهُ لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِحَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَلَا عَدَاوَتِهِ، فَدَخَلُوا فِي دِينِ اللَّهِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَفَوَاجًا} (٦)، يَضْرِبُونَ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (٧).

وَسَنُفَصِّلُ أَمْرَ دُخُولِ النَّاسِ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا عِنْدَ الحَدِيثِ عَنْ عَامِ الوُفُودِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.


(١) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (٨/ ٣٣٨): تلوّم: بفتح التاء واللام وتشديد الواو: أي تنتظر.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب (٥٤) - رقم الحديث (٤٣٠٢).
(٣) الصَّرِيح: الخالص من كل شيء. انظر النهاية (٣/ ١٩).
(٤) يُقال: ناصبه الشر والحرب: أظهره له. انظر لسان العرب (١٤/ ١٥٦).
(٥) دَوَّخها: أذلها. انظر النهاية (٢/ ١٢٩).
(٦) الفوج: الجماعة من الناس. انظر النهاية (٣/ ٤٢٩).
(٧) انظر سيرة ابن هشام (٤/ ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>