للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالعَبَّاسُ -رضي اللَّه عنه-، آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَتِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَأَبُو سُفْيَانَ بنُ الحَارِثِ آخِذٌ بِرِكَابِهَا يَكُفَّانِهَا عَنِ الإِسْرَاعِ نَحْوَ العَدُوِّ، وَهُوَ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَا يَأْلُو يُسْرعُ نَحْوَ المُشْرِكِينَ (١).

وَهَذا فِي غَايَةِ مَا يَكُونُ مِنَ الشَّجَاعَةِ التَّامَّةِ، إِنَّهُ فِي مِثْلِ هَذَا اليَوْمِ فِي حَوْمَةِ الوَغَى (٢)، وَقَدِ انْكَشَفَ عَنْهُ جَيْشُهُ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ عَلَى بَغْلَتِهِ، وَلَيْسَتْ سَرِيعَةَ الجَرْي، وَلَا تَصْلُحُ لِكَرٍّ وَلَا لِفَرِّ وَلَا لِهَرَبٍ، وَهُوَ مَعَ هَذَا أَيْضًا يُرْكِضُهَا إِلَى وُجُوهِهِمْ، وَيُنَوِّهُ بِاسْمِهِ لِيَعْرِفَهُ مَنْ يَعْرِفُهُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ دَائِمًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَمَا هَذَا كُلّهُ إِلَّا ثِقَةً بِاللَّهِ، وَتَوَكُّلًا عَلَيْهٍ، وَعِلْمًا مِنْهُ بِأَنَّهُ سَيَنْصُرُهُ وَيُتِمُّ مَا أَرْسَلَهُ بِهِ، وَيُظْهِرُ دِينَهُ عَلَى سَائِرِ الأَدْيَانِ (٣).

* نُزُولُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنْ بَغْلَتِهِ:

ثُمَّ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنْ بَغْلَتِهِ، فَاسْتَنْصَرَ رَبَّهُ ودَعَاهُ قَائِلًا: "اللَّهُمَّ! نَزِّلْ


= فكأنها لشهرة عبد المطلب بين الناس، لما رزق من نباهة الذكر وطول العمر، بخلاف عبد اللَّه فإنه مات شابًا، ولهذا كان كثير من العرب يدعونه ابن عبد المطلب، كما قال ضِمَام بن ثعلبة: أيكم ابن عبد المطلب؟ .
(١) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب قول اللَّه تَعَالَى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} - رقم الحديث (٤٣١٥) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب غزوة حنين - رقم الحديث (١٧٧٥) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٥٠٢٧) - وابن حبان في صحيحه - كتاب إخباره -صلى اللَّه عليه وسلم- عن منافب الصحابة - باب ذكر العباس بن عبد المطلب -رضي اللَّه عنه- رقم الحديث (٧٠٤٩).
(٢) حَوْمَة القتال: معظمه وأشد موضع فيه. انظر لسان العرب (٣/ ٤٠٧).
والوَغَى: الحرب نفسها. انظر لسان العرب (١٥/ ٣٥٣).
(٣) انظر تفسير ابن كثير (٤/ ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>