للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَاجْمَعْ لِي قَوْمَكَ".

فَخَرَجَ سعدٌ، فَجَمَعَ الْأَنْصَارَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا أَتَاهُ سَعْدٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَدْ اجْتَمَعَ لَكَ هَذَا الْحَيَّ مِنَ الْأَنْصَارِ.

فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَحَمِدَ اللَّه، وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِالذِي هُو له أَهْلٌ، ثُمَّ قَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، مَا قَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْكُمْ، وَجِدَةٌ وَجَدتُمُوهَا فِي أَنْفُسِكُمْ، أَلَمْ آتِكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ؟ وَمُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللَّهُ بِي؟ ، وَعَالَةً (١) فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِي؟ ".

قَالُوا: بَلِ اللَّهُ وَرَسُوله أَمَنُّ وَأَفْضَلُ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَلَا تُجِيبُونَنِي يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ؟ ".

قَالُوا: وَبِمَاذَا نُجِيبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ ، وَللَّهِ وَلرَسُولهِ الْمَنُّ وَالفَضْلُ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَمَا وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُم لَقُلْتُم فَلَصَدَقْتُمْ وَصُدِّقْتُمْ، أَتَيْتَنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ، وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ، وَطَرِيدًا فَآويْنَاكَ، وَعَائِلًا فَأَغْنَيْنَاكَ".

ثُمَّ قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَوَجِدتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي لُعَاعَةٍ (٢) مِنَ الدُّنْيَا، تَأَلَفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا، وَوَكلْتُكُمْ إِلَى إِسْلَامِكُمْ؟ أَفَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَذْهبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالبَعِيرِ، وَتَرْجِعُونَ بِرَسولِ اللَّهِ فِي رِحَالِكُمْ؟


(١) العَالَةُ: الْفُقَرَاءُ. انظر جامع الأصول لابن الأثير (٨/ ٣٩٠).
(٢) لُعَاعَةٌ مِنَ الدنيا: أي شَيْءٌ يسيرٌ من الدنيا. انظر لسان العرب (١٢/ ٢٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>