للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَوَالذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا، وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ شِعبا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ، الْأَنْصَارُ شِعَارٌ (١)، وَالنَّاسُ دِثَارٌ (٢)، اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْأَنْصَارَ، وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ، وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ".

فَبَكَى الْأَنْصَارُ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ حَتَّى أَخْضَلُوا (٣) لِحَاهُم، وَقَالُوا: رَضِينَا بِرَسُول اللَّهِ قِسْمًا وَحظًّا (٤).

* تَرْتِيبٌ عَجِيبٌ:

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَقَدْ رَتَّبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَلَى يَدِهِ مِنَ النِّعَمِ تَرْتِيبًا بَالِغًا، فبَدَأَ بِنِعْمَةِ الْإِيمَانِ التِي لَا يُوَازِيها شَيْءٌ مِنْ أَمرِ الدُّنْيَا، وَثَنَّى بِنِعْمَةِ الْأُلفةِ، وَهِيَ أَعْظَمُ مِنْ نِعْمَةِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْأَموَالَ تُبْذَلُ فِي تَحْصِيلِها، وَقَدْ لَا تُحَصَّلُ، وَقَدْ كَانَتِ الْأَنْصَارُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ فِي غَايَةِ التَّنَافُرِ


(١) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (٨/ ٣٧٥): الشِّعَارُ: بكسر الشين هو: الثَّوْبُ الذِي يَلِي الْجِلْدَ من الْجَسَدِ.
(٢) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (٨/ ٣٧٥): الدِّثَارُ: بكسر الدال: هو الذي فوق الشعار، وهي استعارة لطيفة لفرط قربهم منه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأراد أيضًا أنهم بطانته وخاصته، وأنهم أَلْصَقُ به وأقربُ إليه من غيرهم.
(٣) خَضَل لحيته: بَلَّها بالدموع. انظر النهاية (٢/ ٤٢).
(٤) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب غزوة الطائف - رقم الحديث (٤٣٣٠) - ومسلم في صحيحه - كتاب الزكاة - باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام - رقم الحديث (١٠٥٩) (١٠٦١) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٢٠٢١) (١١٧٣٠) - وابن إسحاق في السيرة (٤/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>