للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَالَى في كِتَابِهِ الكَرِيمِ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (١).

رَابِعًا: إنَّ سِيرَةَ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- شَامِلَةٌ لِكُلِّ النَّوَاحِي الإنْسَانِيَّةِ في الإنْسَانِ، فَهِيَ تَحْكِي لنَا سِيرَةَ مُحَمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- الشَّابِّ الأمِينِ المُسْتَقِيمِ قَبْلَ أنْ يُكْرِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالرِّسَالِةِ، كمَا تَحْكِي لَنَا سِيرَةَ رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الدَّاعِيَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى المُتَلَمِّسِ أجْدَى الوَسَائِلِ لِقَبُولِ دَعْوتهِ، البَاذِلِ مُنْتَهَى طَاقَتِهِ وجُهْده في إبْلَاغِ رِسَالَتِهِ، كمَا تَحْكِي لنَا سِيرَتَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَرَئِيسِ دَوْلَةٍ يَضَعُ لِدَوْلَتِهِ أقْوَمَ النُّظُمِ وأصَحَّهَا، ويَحْمِيَهَا بِيَقْظَتِهِ وإخْلَاصِهِ وصِدْقِهِ بمَا يَكْفُلُ لَهَا النَّجَاحَ، كمَا تَحْكِي لنَا سِيرَةَ الرَّسُولِ الزَّوْجِ والأَبِ في حُنُوِّ العَاطِفَةِ، وحُسْنِ المُعَامَلَةِ، والتَّمْيِيزِ الوَاضِحِ بَيْنَ الحُقُوقِ والوَاجِبَاتِ لِكُلٍّ مِنَ الزَّوْجِ والزَّوْجَةِ والأوْلَادِ، كمَا تَحْكِي لَنَا سِيرَةَ الرَّسُولِ المُرَبِّي المُرْشِدِ الذِي يُشْرِفُ عَلَى تَرْبِيَةِ أصْحَابِهِ تَرْبِيَةً مِثَالِيَّةً يَنْقُلُ مِنْ رُوحِهِ إلَى أرْوَاحِهِمْ، ومِنْ نَفْسِهِ إلَى نُفُوسِهِمْ، ما يَجْعَلُهُمْ يُحَاوِلُونَ الِاقْتِدَاءَ بِهِ في دَقِيقِ الأُمُورِ وكَبِيرِهَا، كمَا تَحْكِي لنَا سِيرَةَ الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم- الصَّدِيقِ الذِي يَقُومُ بِوَاجِبَاتِ الصُّحْبَةِ، ويَفِي بِالْتِزَامَاتِهَا وآدابِهَا، مِمَّا يَجْعَلُ أصْحَابَهُ يُحِبُّونَهُ كَحُبِّهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ (٢) وأكْثَرَ مِنْ حُبِّهِمْ لِأَهْلِيهِمْ وأقْرِبَائِهِمْ، وسِيرَتُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَحْكِي لنَا


(١) سورة الأحزاب آية (٢١).
(٢) روى الإِمام البخاري في صحيحه -رقم الحديث (٦٣٣٢) - عن عبد اللَّه بن هشام قال: كنّا مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه-، فقال له عُمَرُ -رضي اللَّه عنه-: يا رسولَ اللَّه لأنْتَ أحَبُّ إليّ منْ كُلِّ شَيءٍ، إلا نَفْسِي، فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا والذِي =

<<  <  ج: ص:  >  >>