للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* رُجُوعُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى الْمَدينَةِ:

ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ، فَقَدِمَهَا لِسِتِّ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةً ثَمَانٍ لِلْهِجْرَةِ (١).

قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: للَّهِ مَا أَفْسَحَ الْمَدَى بَيْنَ هَذِهِ الْأَوْبَةِ (٢) الظَّافِرَةِ بَعْدَ أَنْ تَوَجَّ اللَّهُ هَامَتَهُ بِالفتْحِ الْمُبِينِ، وَبَيْنَ مَقْدِمِهِ إِلَى هَذَا الْبَلَدِ النَّبِيلِ مُنْذُ ثَمَانِيَةِ أَعْوَامٍ؟

لَقَدْ جَاءَهُ مُطَارَدًا يَبْغِي الْأَمَانَ، غَرِيبًا مُسْتَوْحِشًا يَنْشُدُ الْإِيلَافَ (٣) وَالْإِيْنَاسَ، فَأَكْرَمَ أَهْلُهُ مَثْوَاهُ، وَآوَوْهُ وَنَصَرُوهُ، وَاتَّبَعُوا النُّورَ الذِي أُنْزِلَ مَعَهُ، وَاسْتَخَفُّوا بِعَدَاوَةِ النَّاسِ جَمِيعًا مِنْ أَجْلِهِ، وَهَا هُوَ ذَا بَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَعْوَامٍ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ التِي اسْتَقْبَلَتْهُ مُهَاجِرًا خَائِفًا لِتَسْتَقْبِلَهُ مَرَّةً أُخْرَى، وَقَدْ دَانَتْ لَهُ مَكَّةُ، وَأَلْقَتْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ كِبْرِيَاءَهَا وَجَاهِلِيَّتَهَا، فَأَنْهَضَهَا لِيُعِزَّهَا بِالْإِسْلَامِ، وَعَفَا عَنْ خَطِيئَاتِهَا الْأُولَى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (٤).


(١) انظر سيرة ابن هشام (٤/ ١٥٤).
(٢) الْأَوْبَةُ: الرُّجُوعُ. انظر لسان العرب (١/ ٢٥٨).
(٣) أَلِفْتُ الشيءَ: إذا أَنِسْتُ به. انظر لسان العرب (١/ ١٨٠).
(٤) سورة يوسف آية (٩٠) - وانظر كلام الشيخ محمد الغزالي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في فقه السيرة، ص ٤٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>