للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَرِيَّةُ علْقَمَةَ بْنِ مُجَزِّرٍ (١) -رضي اللَّه عنه-

وَسَبَبُ هَذِهِ السَّرِيَّةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَلَغَهُ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْحَبَشَةِ قَدِ اجْتَمَعُوا بِالْقُرْبِ مِنْ سَوَاحِلِ جُدَّةَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ عَلْقَمَةَ بْنَ مُجَزِّرٍ الْمُدْلِجِيَّ -رضي اللَّه عنه-، وَذَلِكَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنَ السَّنَةِ التَّاسِعَةِ لِلْهِجْرَةِ، فِي ثَلَاثِمِائَةِ رَجُلٍ، فَلَمَّا سَمِعُوا بِمَسِيرِ الْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِمْ هَرَبُوا، فَلَمْ يَلْقَ عَلْقَمَةُ -رضي اللَّه عنه- وَأَصْحَابُهُ كَيْدًا.

ثُمَّ رَجَعُوا، فَاسْتَأْذَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِالتَّعَجُّلِ إِلَى أَهْلِيهِمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ عَلْقَمَةُ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ السَّهْمِيَّ (٢) -رضي اللَّه عنه-، وَكَانَتْ فِيهِ دُعَابَةٌ (٣)، فَنَزَلُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ وَأَوْقَدُوا نَارًا يَصْطَلُونَ (٤) عَلَيْهَا، وَيَصْنَعُونَ طَعَامَهُمْ، فَقَالَ


(١) مُجَزِّر: بضم الميم وفتح الجيم تشديد الزاي المكسورة.
(٢) قلت: وقد وقع في صحيح البخاري ومسلم أن أمير هذه السرية رجل من الأنصار، وعبد اللَّه بن حذافة السهمي -رضي اللَّه عنه- من المهاجرين.
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (٨/ ٣٨٣): يحتمل الحمل على المعنى الأعم أي أنه نصر رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الجملة.
وقال ابن الجوزي فيما نقله عنه الحافظ في الفتح (٨/ ٣٨٣): قوله: من الأنصار، وَهْم من بعض الرواة، وإنما هو سهمي.
قلت: والذي نميل إليه: هو قول ابن الجوزي، واللَّه أعلم.
(٣) الدُّعَابَةُ: الْمِزَاحُ. انظر النهاية (٢/ ١١١).
(٤) يَصْطَلُونَ: يَتَدَفئونَ. انظر لسان العرب (٧/ ٣٩٩).
ومنه قوله تَعَالَى في سورة القصص آية (٢٩) على لسان موسى عليه السلام لزوجته: =

<<  <  ج: ص:  >  >>