للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَاغِبًا أَوْ رَاهِبًا، فَقَدْ أَتَاهُ فُلَانٌ، فَأَصَابَ مِنْهُ، وَأَتَاهُ فُلَانٌ، فَأَصَابَ مِنْهُ.

قَالَ عَدِيٌّ: فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، اسْتَشْرَفَ لِيَ النَّاسُ، وَقَالُوا: جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، جَاءَ عَدْيُّ بْنُ حَاتِمٍ، فَلَمَّا أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قَالَ لِي: "يَا عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ! مَا أَفرَّكَ (١) أَنْ يُقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ فَهَلْ مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ؟ ، مَا أَفَرَّكَ أَنْ يُقَالَ: اللَّهُ أَكْبَر؟ فَهَلْ مِنْ شَيْءٍ أَكْبَرُ مِنَ اللَّهِ؟ ، يَا عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ" ثَلَاثًا.

قُلْتُ: إِنِّي عَلَى دِينٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنَّا أَعْلَمُ بِدِينِكَ مِنْكَ".

فَقُلْتُ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِدِينِي مِنِّي؟ ! .

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نَعَمْ، أَلَسْتَ مِنَ الرَّكُوسِيَّةِ (٢)، وَأَنْتَ تَأْكُلُ مِرْبَاعَ (٣) قَوْمِكَ؟ ".

قُلْتُ: بَلَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَإِنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ لَكَ فِي دِينِكَ".

قَالَ عَدِيٌّ: فَلَمْ يَعْدُ أَنْ قَالَهَا، فتَضَعْضَعْتُ (٤) لِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ


(١) أَفْرَرْتَ الرَّجُلَ: إذا فعلتَ به فِعْلًا يَفِرُّ منك لأجله، أي: ما يُهْرِبُكَ منَ الإسلامِ؟ . انظر جامع الأصول (٩/ ١١٢).
(٢) الرَّكُوسِيَّةُ: هو دِينٌ بين النَّصَارى والصَّابِئِينَ. انظر النهاية (٢/ ٢٣٥).
(٣) الْمِرْبَاعُ: كان الملك في الجاهلية يأخذ الرُّبع من الغنيمة في الجاهلية دون أصحابه، ويُسمى ذلك الربع: الْمِرْبَاعَ. انظر النهاية (٢/ ١٧١).
(٤) تَضَعْضَعَ: خَضَعَ وذَلَّ. انظر النهاية (٣/ ٨١). وفي رواية الإمام أحمد في مسنده: فتواضعت.

<<  <  ج: ص:  >  >>