للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَمَا إِنِّي أَعْلَمُ مَا الذِي يَمْنَعُكَ مِنَ الْإِسْلَامِ، تَقُولُ: إِنَّمَا اتَّبَعَهُ ضَعَفَةُ النَّاسِ، وَمَنْ لَا قُوَّةَ لَهُ، وَقَدْ رَمَتْهُمُ الْعَرَبُ، أَتَعْرِفُ الْحِيرَةَ؟ " (١).

قُلْتُ: لَمْ أَرَهَا، وَقَدْ سَمِعْتُ بِهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَوَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُتَمَّنَّ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ (٢) حَتَّى تَخْرُجَ الظَّعِينَةُ (٣) مِنَ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ فِي غَيْرِ جِوَارِ أَحَدٍ، وَلَيُفْتَحَنَّ كُنُوزَ كسْرَى بْنِ هُرْمُزَ".

فَقَالَ عَدِيٌّ: كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ؟ ! .

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نَعَمْ، كسْرَى بْنُ هُرْمُزَ، وَلَيُبَذَلَنَّ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ" (٤).


(١) الْحِيرَةُ: بكسر الحاء: البَلَدُ القديمُ بظهرِ الكوفة، ومحلة معروفة بنيسابور. انظر النهاية (١/ ٤٤٨).
(٢) المقصود بالأمر هنا: الإسلام، أي سينتشر الإسلام انتشارًا واسعًا في الأرض.
(٣) الظَّعينة: المرأة. انظر النهاية (٣/ ١٤٣).
(٤) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (٧/ ٣١٩): أي لعدم الفقراء في ذلك الزمان، وقد تقدم في الزكاة -من صحيح البخاري- قول من قال: إن ذلك عند نزول عيسى ابن مريم عليه السلام، ويحتمل أن يكون ذلك إشارة إلى ما وقع في زمن عمر بن عبد العزيز، وبذلك جزم البيهقي في الدلائل (٦/ ٣٢٣) عن عمر بن أسيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال: إنما ولي عمر بن عبد العزيز، ثلاثين شهرًا، ألا واللَّه ما مات حتى جعل الرجل يأتيه بالمال العظيم، فيقول: اجعلوا هذا حيث ترون في الفقراء، فما برح حتى يرجع بالمال، يتذكر من يضعه فيه، فلا يجده، وقد أغنى عمر الناس.
قال الحافظ: ولا شك في رجحان هذا الاحتمال على الأول، لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحديث: "ولئن طالت بك حياة" -وهي رواية البخاري في صحيحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>