للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْإِمَامُ ابْن جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في تَفْسِيرِهِ: تَضَاهَرَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ بِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ في الْجَدِّ بْنِ قَيْسٍ (١).

قُلْتُ: وَالْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ هَذَا هُوَ سَيِّدُ بَنِي سَلِمَةَ (٢)، وَقَدِ انْتَزَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْهُ السِّيَادَةَ (٣)، وَهُوَ صَاحِبُ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَلَمْ يُبَايِعْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ (٤).

* تَثْبِيطُ الْمُنَافِقِينَ:

وَكَانَ رَهْطٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ مِنْهُمْ: وَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ أَخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَرَجُلٌ مِنْ أَشْجَعَ يُقَالُ لَهُ: مَخْشِي (٥) بْنُ حُمَيِّرٍ (٦)، قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَتَحْسَبُونَ جِلَادَ بَنِي الْأَصْفَرِ كَقِتَالِ الْعَرَبِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا؟ وَاللَّهِ لَكَأَنَّا بِكُمْ غَدًا مُقَرَّنِينَ (٧) في الْحِبَالِ، إِرْجَافًا وَتَرْهِيبًا لِلْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ مَخْشِي بْنُ حُمَيِّر: وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقَاضِي عَلَى أَنْ يُضْرَبَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا مِائَةَ جَلْدَةٍ، وَأَنَّا نَنْفَلِتُ أَنْ يَنْزِلَ فِينَا قُرْآن لِمَقَالَتِكُمْ هَذِهِ.


(١) انظر تفسير الطبري (٦/ ٣٨٦).
(٢) قال الحافظ في الفتح (٢/ ٣٥٦): سَلِمَة: بفتح السين وكسر اللام.
(٣) ذكرنا ذلك عند الكلام على بيعة الرضوان، فراجعه.
(٤) ذكرنا ذلك عند الكلام على بيعة الرضوان، فراجعه.
(٥) قال الحافظ في الإصابة (٦/ ٤٤): مَخْشي: بسكون الخاء.
(٦) قال الحافظ في الإصابة (٦/ ٤٤): حُميِّر مصغرًا بالتثقيل.
(٧) مُقَرَّنِينَ: مُرَبَّطِينَ. انظر لسان العرب (١١/ ١٣٩).
ومنه قوله تَعَالَى في سورة إبراهيم آية (٤٩): {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ}. الأصفاد: هي القيود. انظر تفسير ابن كثير (٤/ ٥٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>