للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هَذِهِ الْفَتْرَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ -رضي اللَّه عنه-: "أَدْرِكِ الْقَوْمَ، فَإِنَّهُمْ قَدِ احْتَرَقُوا، فَسَلْهُمْ عَمَّا قَالُوا، فَإِنْ أَنْكَرُوا فَقُلْ: بَلَى، قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا".

فَانْطَلَقَ إِلَيْهِمْ عَمَّارٌ -رضي اللَّه عنه- فَقَالَ ذَلِكَ لَهُمْ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ، فَقَالَ وَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (٦٤) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} (١).

* كَلَامُ الْجُلَاسِ (٢) بْنِ سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِتِ:

رَوَى الأُمَوِيُّ في تَارِيخِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ فِيهِ ذِكْرُ الْمُنَافِقِينَ، قَالَ الْجُلَاسُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِتِ: وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ صَادِقًا لَنَحْنُ شَرٌّ مِنَ الْحَمِيرِ، فَسَمِعَهُ عُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ، فَقَالَ لَهُ: وَاللَّهِ يَا جُلَاسُ إِنَّكَ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَأَحْسَنُهُمْ عِنْدِي يَدًا، وَأَعَزُّهُمْ عَلَيَّ أَنْ يُصِيبَهُ شَيْءٌ يَكْرَهُهُ، وَلقدْ قُلْتَ مَقَالَةً لَئِنْ ذَكَرْتَهَا، لَتَفْضَحَنَّكَ، وَلَئِنْ سَكَتُّ عَلَيْهَا، لَتُهْلِكَنِّي، وَلَإِحْدَاهُمَا أَشَدُّ عَلَيَّ مِنَ الْأُخْرَى، ثُمَّ مَشَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ


(١) سورة التوبة آية (٦٤ - ٦٦) - والخبر أخرجه ابن إسحاق في السيرة (٤/ ١٧٩) بسند حسن.
(٢) قال الحافظ في الإصابة (١/ ٥٩٩): الجُلَاس بن سويد بن الصامت الأنصاري، كان من المنافقين ثم تاب وحسنت توبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>