للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: "يَا صَبَاحَاهُ" (١)، فَقَالُوا: مَنْ هَذَا الَّذِي يَهْتِفُ (٢)؟ ، قَالُوا: مُحَمَّدٌ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، وَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أرْسَلَ رَسُولًا لِيَنْظُرَ، فَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وقُرَيْشٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أرَأَيْتُكُمْ لَوْ أخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِالوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ أكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ " (٣)، قالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا، قَالَ: "فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ"، فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًا لَكَ سَائِرَ اليَوْمِ! ألِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ ، فنَزَلَتْ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ (٤) وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ. . .} (٥).

ورَوَى الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه-: قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ


(١) هذه كلمَةٌ تقُولُهَا العرَبُ إذا صاحُوا للغَارَةِ؛ لأنَّهُم أكثر ما يُغِيرُونَ عند الصَّبَاحِ، ويسمُّون يومَ الغارَةِ يومَ الصَّبَاحِ، فكأن القائل: يا صَبَاحَاهُ، يقول: قد غَشِيَنَا العَدُوُّ. انظر لسان العرب (٧/ ٢٧٣).
(٢) يَهْتِفُ: يُنَادِي. انظر النهاية (٥/ ٢١١).
(٣) قال الحافظ في الفتح (٩/ ٤٥١): أرادَ بذلكَ تَقْرِيرَهُمْ بأنهم يَعْلَمُونَ صِدْقهُ إذا أخْبَرَ عن الأمرِ الغائِبِ.
(٤) قال الحافظ في الفتح (٩/ ٧٦٣): أَبُو لَهَبٍ هوَ ابنُ عبدِ المُطَّلِبِ واسمُهُ عبدُ العُزَّى، وكُنِّيَ أبا لَهَبٍ إما بِابنِهِ لهَب، وإما بشدَّةِ حمْرَةِ وجْنَتِهِ، وقد أخرج الفاكهي من طريق عبد اللَّه بن كثير، قال: إنما سُمِّيَ أبا لَهَب؛ لأن وَجْهَهُ كان يتَلَهَّبُ من حسْنِهِ.
ووافق ذلك ما آل إليه أمرُهُ من أنَّه سيَصْلى نارًا ذات لَهَبٍ، ولهذا ذُكر في القرآن بكُنْيَتهِ دونَ اسمه، ولكونه بها أشْهَر.
(٥) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب التفسير - باب وأنذر عَشِيرتك الأقربين - رقم الحديث (٤٧٧٠) - وباب سورة {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} - رقم الحديث (٤٩٧١) (٤٩٧٢) - ومسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب في قوله تَعَالَى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} - رقم الحديث (٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>