للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَهْمِسُ إِلَى بَعْضٍ: مَا كَفَّارَةُ مَا صَنَعْنَا بِتَفْرِيطِنَا في صَلَاتِنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- "أَمَا لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟ ".

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ في النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يِجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا، فَإِذَا كَانَ الْغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا" (١).

قَالَ أَبُو قَتَادَةَ -رضي اللَّه عنه-: فَلَمَّا اشْتَدَّتِ الظَّهِيرَةُ جَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْنَا عَطَشْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا هُلْكَ عَلَيْكُمْ"، ثُمَّ قَالَ: "أَطْلِقُوا لِي غُمَرِي (٢) "، وَدَعَا بِالْمَيْضَأَةِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَصُبُّ، وَأَبُو قَتَادَةَ -رضي اللَّه عنه- يَسْقِيهِمْ، فَلَمْ يَعْدُ أَنْ رَأَى النَّاسُ مَاءً في الْمَيْضَأَةِ تَكَابُّوا (٣) عَلَيْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- "أَحْسِنُوا الْمَلَأَ (٤)، كُلُّكُمْ سَيَرْوَى"، فَفَعَلُوا، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَصُبُّ، وَأَسْقِيهِمْ حَتَّى مَا بَقِيَ غَيْرِي وَغَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثُمَّ صَبَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ لِي: "اشْرَبْ"، فَقُلْتُ: لَا أَشْرَبُ حَتَّى تَشْرَبَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شرْبًا"، فَشَرِبْتُ، وَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.


(١) قال النووي في شرح مسلم (٥/ ١٦٠): معناه أنه إذا فاتته صلاة فقضاها لا يتغير وقتها، ويتحول في المستقبل، بل يبقى كما كان، فإذا كان الغد صلى صلاة الغد في وقتها المعتاد.
(٢) أي ائتوني به، والغُمَرُ: بضم الغين وفتح الميم: القَدَحُ الصَّغِيرُ. انظر النهاية (٣/ ٣٤٥).
(٣) تَكَابُّوا عليه: بفتح التاء وتشديد الباء المضمومة: أي ازْدَحَمُوا. انظر النهاية (٤/ ١٢١).
وفي رواية الإِمام أحمد في مسنده: فازدحم الناس عليه.
(٤) الْمَلَأَ: بفتح الميم واللام والهمزة: أي الخُلُق. انظر النهاية (٤/ ٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>