للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَشَرَ، أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ، عَلَى الْغَدْرِ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَمُزَاحَمَتِهِ عَلَى الْعَقَبَةِ (١)، وَلَكِنَّ اللَّهَ عَصَمَ رَسُولَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْهُمْ، فَقَدْ أَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: لَمَّا أَقبل رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَمَرَ مُنَادِيًا فنَادَى: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَخَذَ الْعَقَبَةَ، فَلَا يَأْخُذْهَا أَحَد، فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُودُهُ حُذَيْفَةُ، وَيَسُوقُ بِهِ عَمَّارٌ، إِذْ أَقْبَلَ رَهْطٌ (٢) مُتَلثِّمُونَ عَلَى الرَّوَاحِلِ (٣)، غَشُوا عَمَّارًا وَهُوَ يَسُوقُ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَأَقبل عَمَّارٌ يَضْرِبُ وُجُوهَ الرَّوَاحِلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِحُذَيْفَةَ: "قَدْ، قَدْ" (٤)، حَتَّى هَبَطَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَمَّا هَبَطَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، نَزَلَ وَرَجَعَ عَمَّار، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَا عَمَّارُ، هَلْ عَرَفْتَ الْقَوْمَ؟ ".

فَقَالَ: قَدْ عَرَفْتُ عَامَّةَ الرَّوَاحِلِ وَالْقَوْمُ مُتَلثِّمُونَ، قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هَلْ تَدْرِي مَا أَرَادُوا؟ "، قَالَ عَمَّارٌ: اللَّهُ وَرَسُول أَعْلَمُ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَرَادُوا أَنْ يَنْفِرُوا بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَطْرَحُوهُ" (٥).


(١) الْعَقَبَةُ: الْجَبَلُ الطَّوِيلُ. انظر لسان العرب (٩/ ٣٠٦).
قال الإمام النووي في شرح مسلم (١٧/ ١٠٥): وهذه العقبة ليست العقبة المشهورة بمِنَى التي كانت بها بيعة الأنصار رضي اللَّه عنهم، وإنَّما هذه عقبة على طريق تبوك اجتمع المنافقون فيها للغدرِ برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في غزوة تبوك، فعصمه اللَّه منهم.
(٢) الرَّهْطُ من الرجال: ما دون العشرة. انظر النهاية (٢/ ٢٥٧).
(٣) الرَّاحِلَةُ من الإبلِ: البعيرُ القوي على الأسفار والأحمال، والذكر والأنثى فيه سواء. انظر النهاية (٢/ ١٩١).
(٤) قَدْ: بفتح القاف: أي حَسْبِي، وتكرارها لتأكيد الأمر. انظر النهاية (٤/ ١٨).
(٥) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٣٧٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>