للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِصَّةُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ (١) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ

رَوَى الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في غَزْوَةٍ غَزَاهَا إِلَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أنِّي كُنْتُ تَخَلَّفْتُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهَا، إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُرِيدُ عِيرَ (٢) قُرَيْشٍ، حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ، وَلقدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ليْلَةَ الْعَقَبَةِ (٣) حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا، وَكَانَ مِنْ خَبَرِي أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ (٤)، وَاللَّهِ مَا اجْتَمَعَتْ عِنْدِي قَبْلَهُ رَاحِلَتَانِ قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُرِيدُ غَزْوَةً إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ، غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاستَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا (٥)، وَعَدُوًّا كَثِيرًا،


(١) صاحباه هما: مرارة بن الرَّبيع، وهلال بن أميَّة الواقفي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
(٢) الْعِيرُ: بكسر العين، هي الإبل بأحمالها. انظر النهاية (٣/ ٢٩٧).
(٣) المقصود بليلة العقبة: هي بيعة العقبة الثانية التي بايع فيها الأنصار رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد ذكرنا تفاصيل هذه البيعة فيما مضى، فراجعه.
(٤) أي غزوة تبوك.
(٥) الْمَفَازَةُ: الْبَرِّيَّةُ الْقَفْرُ، سميت بذلك، لأنها مُهلكة. انظر النهاية (٣/ ٤٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>