كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون

عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هَلْ مِنْكُمْ رَجُلٌ لَمْ يُقَارِفِ (١) اللَّيْلةَ؟ ".

فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ -رضي اللَّه عنه-: أَنَا، قَالَ: "فَانْزِلْ"، قَالَ أَنَسٌ: فَنَزَلَ فِي قَبْرِهَا (٢).

وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: أَنَّ رُقَيَّةَ (٣) - بِنْتَ رَسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمَا مَاتَت، قَالَ رَسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يَدْخُلِ الْقَبْرَ رَجُلٌ قَارَفَ أَهْلَهُ"، فَلَمْ يَدْخُلْ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ -رضي اللَّه عنه- الْقَبْرَ (٤).

* حُزْنُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَيْهَا:

وَحَزِنَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى ابْنَتِهِ أُمِّ كُلْثُومٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حَتَّى رُئِيَ الدَّمْعُ يَتَحَدَّرُ مِنْ عَيْنَيْهِ، وَبِمَوْتِهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمْ يَبْقَ مِنْ بَنَاتِ رَسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَّا فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.

(١) لم يُقَارِفْ: بضم الياء أي لم يجامع. انظر النهاية (٤/ ٤٠) - فتح الباري (٣/ ٥٠٥).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الجنائز - باب قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه" - رقم الحديث (١٢٨٥) - وباب من يدخل قبر المرأة - رقم الحديث (١٣٤٢) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٢٢٧٥).
(٣) قال الإمام البخاري فيما نقله عنه الحافظ في الفتح (٣/ ٥٠٥): ما أدري ما هذا، فإن رقية ماتت والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ببدر لم يشهدها -أي لم يشهد جنازة رقية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-.
وقال الحافظ: وَهِمَ حماد بن سلمة في تسميتها فقط، والصواب أنها أم كلثوم رَضِيَ اللَّهُ عَنها.
وقال الطحاوي في شرح مشكل الآثار (٦/ ٣٢٣): فابنة رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- هذه هي أم كلثوم توفيت، وكانت وفاتها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سنة تسع من الهجرة.
(٤) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٣٣٩٨) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (٢٥١٢).