للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتُسَمَّى حَجَّةَ الْبَلَاغِ وَالتَّمَامِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَلَّغَ النَّاسَ شَرْعَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ قَوْلًا وَفِعْلًا، وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْ دَعَائمِ الْإِسْلَامِ وَقَوَاعِدِهِ شَيْءٌ إِلَّا وَقَدْ بَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَمَّا بَيَّنَ لَهُمْ شَرِيعَةَ الْحَجِّ، وَوَضَّحَهُ، وَشَرَحَهُ، أَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ وَاقِف بِعَرَفَةَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (١).

* هَلْ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَبْلَ الهِجْرَةِ أَمْ لَا؟ :

رَوَي التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَه بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَجَّ ثَلَاثَ حِجَجٍ: حَجَّتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ، وَحَجَّةً بَعْدَمَا هَاجَرَ (٢).

وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَجَّ النَّبِيُّ


= الهجري، فقال: وعلى هذا، فلم يُؤخر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الحج بعد فرضه عامًا واحدًا، بل بادر إلى الامتثال في العام الذي فرض فيه، وهذا هو اللائق بهديه وحاله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وآية فرض الحج هي قوله تَعَالَى في سورة آل عمران آية (٩٧): {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}، وقد نزلت عام الوفود أواخر سنة تسع من الهجرة النبوية.
وإنما تأخر رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المبادرة إلى الحج في السنة التاسعة لكراهة الاختلاط في الحج بأهل الشرك؛ لأنهم كانوا يحجون ويطوفون بالبيت عُراة، فلما طَهّر اللَّه البيت الحرام منهم حج رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(١) سورة المائدة آية (٣) - وانظر البداية والنهاية (٥/ ١١٥) للحافظ ابن كثير رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
(٢) أخرجه الترمذي في جامعه - كتاب الحج - باب ما جاء: كم حج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ رقم الحديث (٨٢٦) - وابن ماجه في سننه - كتاب المناسك - باب حجة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- رقم الحديث (٣٠٧٦) - وأورده ابن الأثير في جامع الأصول - رقم الحديث (١٧٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>