للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَذَكَّرَ فيهِ باللَّهِ، وحَذَّرَ قَوْمَهُ ما أصَابَ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الأمَمِ مِنْ نِقْمَةِ اللَّهِ، خَلفَهُ في مَجْلِسِهِ إِذَا قَامَ، ثُمَّ قَالَ: أنَا وَاللَّهِ يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أحْسَنُ حَدِيثًا مِنْهُ، وما حَدِيثُهُ إِلَّا أسَاطِيرُ الأوَّلينَ اكْتَتَبَهَا، فَهَلُمَّ إلَيَّ، فأَنَا أُحَدِّثُكُمْ أحْسَنَ مِنْ حَدِيثِهِ، ثُمَّ يُحَدِّثُهُمْ عَنْ مُلُوكِ فَارِسَ ورُسْتُمٍ، ثُمَّ يَقُولُ: بِمَاذَا مُحَمَّدٌ أحْسَنُ حَدِيثًا مِنِّي؟ .

قَالَ ابنُ هِشَامٍ: وهُوَ الذِي قَالَ -فِيمَا بَلَغَنِي-: سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أنْزَلَ اللَّهُ (١).

رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: نَزَلَ في النَّضْرِ بنِ الحَارِثِ ثَمَانُ آيَاتٍ مِنَ القُرْآنِ الكَرِيمِ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} (٢)، وكُلُّ ما ذُكِرَ فِيهِ مِنَ الأسَاطِيرِ (٣) مِنَ القُرْآنِ (٤).

ونَزَلَ في النَّضْرِ بنِ الحَارِثِ -قبَّحَهُ اللَّهُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (٥).


(١) سورة الأنعام آية (٩٣) - والخبَرُ في سيرة ابن هشام (١/ ٣٣٧).
اختُلِفَ فيمن نَزَلت فيهِ هذه الآية، فقِيل: في مُسَيْلَمَةَ الكذَّاب، وقيل: عبدِ اللَّه بن سَعْدِ بنِ أَبِي السَّرْحِ، وقيل: النَّضْرِ بنِ الحَارث، واللَّهُ أعلم.
وانظر تفسير ابن كثير (٣/ ٣٠٢) - تفسير القرطبي (٨/ ٤٥٧).
(٢) سورة القلم آية (١٥).
(٣) قال الإمام السُّهيلي في الرَّوْض الأُنُف (٢/ ٥٣): واحدُ الأسَاطِيرِ أُسْطُورَةٌ كأُحْدُوثَة وأحَادِيث، وهو ما سَطَرَهُ الأوَّلُونَ.
(٤) انظر سيرة ابن هشام (١/ ٣٣٧).
(٥) سورة الجاثية آية (٧ - ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>