للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحداث بين حجة الوداع ودنو أجله -صلى اللَّه عليه وسلم-

* تَنَبُّؤُ مُسَيلِمَةَ الْكَذَّابِ قَبَّحَهُ اللَّهُ

ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ في السَّنَةِ التَّاسِعَةِ لِلْهِجْرَةِ مَعَ قَوْمِهِ بَنِي حَنِيفَةَ، وَأَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ حَتَّى يَتَّبِعَهُ، فَأَبَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلِكَ، فَلَمَّا رَجَعَ وَفْدُ بَنِي حَنِيفَةَ إِلَى الْيَمَامَةِ أَخَذَ مُسَيْلِمَةُ يُفَكِّرُ في أَمْرِهِ حَتَّى ادَّعَى أَنَّهُ أُشْرِكَ في الْأَمْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَادَّعَى النُّبُوَّةَ.

وَشَهِدَ لَهُ الرَّجَّالُ بْنُ عُنْفُوَةَ (١) قَبَّحَهُ اللَّهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَشْرَكَهُ في الْأَمْرِ مَعَهُ، فَافْتَتَنَ النَّاسُ بِهِ.

وَكَانَ الرَّجَّالُ قَدْ وَفَدَ مَعَ قَوْمِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَأَسْلَمَ، وَقَرَأَ سُوَرًا مِنَ الْقُرْآنِ، وَفَقِهَ في الدِّينِ، فَرَآه رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَوْمًا مَعَ فُرَاتِ بْنِ حَيَّانَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ فِيكُمْ لَرَجُلًا ضِرْسُهُ فِي النَّارِ


(١) قال الحافظ في الإصابة (٢/ ٤٤٦): الرَّجّال: بفتح الراء، وتشديد الجيم، وعُنْفُوَة: بضم العين.
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ في البداية والنهاية (٦/ ٧١٦): وكان هذا الملعون من أكبر ما أضل أهل اليمامة، حتى اتبعوا مسيلمة لعنهما اللَّه.
وقد قُتِل الرَّجَّال هذا لعنه اللَّه مع مسيلمة الكذاب في معركة اليمامة في خلافة أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه-

<<  <  ج: ص:  >  >>