للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* سَجْعُ (١) مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ قَبَّحَهُ اللَّهُ:

وَجَعَلَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ يَسْجَعُ الْأَسَاجِيعَ، وَيَنْظُمُ مِنْ كَلَامِ الْكُهَانِ وَالْمُنَجِّمِينَ مُضَاهَاةً (٢) لِلْقُرْآنِ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلَهُ قبَّحَهُ اللَّهُ:

وَالطَّاحِنَاتِ طَحْنًا، وَالْعَاجِنَاتِ عَجْنًا، وَالْخَابِزَاتِ خُبْزًا، وَالثَّارِدَاتِ (٣) ثَرْدًا، وَاللَّاقِمَاتِ لَقْمًا، إِهَالَةً وَسَمْنًا، لَقَدْ فُضِّلْتُمْ عَلَى أَهْلِ الْوَبَرِ (٤)، وَمَا سَبَقَكُمْ أَهْلُ الْمَدَرِ (٥)، رِيفَكُمْ فَامْنَعُوهُ، وَالْمُعْتَرَّ (٦) فَآوُوهُ، وَالْبَاغِي فنَاوِئُوهُ.

وَسَجَعَ أَيْضًا قبَّحَهُ اللَّهُ عَلَى سُورَةِ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، فَقَالَ: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْجَوَاهِرَ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَهَاجِرْ، إِنَّ مُبْغِضَكَ رَجُلٌ فَاجِرٌ.

ثُمَّ وَضَعَ مُسَيْلِمَةُ لَعَنَهُ اللَّهُ عَنْ قَوْمِهِ الصَّلَاةَ، وَأَحَلَّ لَهُمُ الْخَمْرَ وَالزِّنَا تَرْغِيبًا لَهُمْ في اتِّبَاعِهِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَشْهَدُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنَّهُ نَبِيٌّ فَافْتَتَنَ بِهِ قَوْمُهُ.


(١) السَّجْعُ: كلام له فواصل كفواصل الشعر من غير وزن. انظر لسان العرب (٦/ ١٧٩).
(٢) ضَاهَأتُ الرجل: أي شابهته. انظر لسان العرب (٨/ ٩٦).
ومنه قوله تعالى في سورة التوبة آية (٣٠): {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ. .}
(٣) الثَّرِيدُ: الطعام المتخذ من اللحم والخبز. انظرالنهاية (١/ ٢٠٤).
(٤) أهل الوبر: هم أهل البوادي. انظر النهاية (٥/ ١٢٧).
(٥) أهل المدر: هم أهل القرى والأمصار. انظر النهاية (٤/ ٢٦٤).
(٦) الْمُعْتَرُّ: بضم الميم هو الفقير، ومنه قوله تَعَالَى في سورة الحج آية (٣٦): {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}. انظر تفسير ابن كثير (٥/ ٤٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>