للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - ومِنْ أسَالِيبِهِمْ: السُّخْرِيةُ والاسْتِهْزَاءُ والتَّكْذِيبُ، وقدْ لَجَأَتْ قُرَيْشٌ إلى هَذَا الأُسْلُوبِ لِتَخْذِيلِ المُسْلِمِينَ، وتَوْهِينِ قُوَاهُمُ المَعْنَوِيَّةَ، فَرَمَوْا النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالجُنُونِ: {وَقَالُوا يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} (١).

ووَصَمُوهُ (٢) بالسِّحْرِ والكَذِبِ وقَوْلِ الشِّعْرِ: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} (٣)، {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ} (٤).

قال ابنُ إسحاقَ: وَكَانَ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا تَلا عَلَيْهِمُ القُرْآنَ، ودَعَاهُمْ إلى اللَّهِ تَعَالَى، قالُوا يَهْزَؤُونَ بِهِ: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ (٥) مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ (٦) وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ} (٧)، فانزلَ اللَّهُ تَعَالَى عَليهِ في ذَلِكَ مِنْ قَوْلهِمْ: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا


(١) سورة الحجر (٦).
(٢) وصم الشيء: عابه. انظر لسان العرب (١٥/ ٣٢٠).
(٣) سورة ص آية (٤).
(٤) سورة الأنبياء آية (٥).
(٥) قَالَ الرَّاغِبُ الأصفَهَانيُّ في مُفْرَداتِ القرآن ص ٤٤٤: الكِنَانُ: الغِطَاءُ الذي يُكَنُّ فيه الشَّيْءُ، والجَمْعُ أكِنَّةٌ نحوُ غِطَاءٌ وأغْطِيَةٌ، قال اللَّه تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ} قِيلَ مَعْنَاهُ في غِطَاءٍ عَنْ تَفَهُّمِ مَا تُورِدُهُ عَلَيْنَا. . .
(٦) قال الراغِبُ الأصْفَهاني في مُفردات القرآن ص ٥٤٤: الوَقْر: الثِّقَلُ في السَّمْعِ.
وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره (٧/ ١٦١): أي آذاننا صَمَمٌ عمَّا جِئْتَنَا به.
(٧) سورة فصلت آية (٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>