للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوقِفُ أَبِي بَكرٍ الصِّدِّيقِ -رضي اللَّه عنه-

ثُمَّ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -رضي اللَّه عنه- عَلَى فَرَسِهِ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ، حَتَّى نَزَلَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَعُمَرُ -رضي اللَّه عنه- يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إلى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فتَيَمَّمَ (١) رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَهُوَ مُسَجًّى (٢) بِبُرْدٍ (٣) حِبَرَةٍ (٤)، فكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ: إِنَّا للَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ وَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا نَبِيَّ اللَّهِ، طِبْتَ حَيًّا وَمَيْتًّا، وَاللَّهِ لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ، أَمَّا الْمَوْتَةُ التِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا (٥)، ثُمَّ لَنْ تُصِيبَكَ بَعْدَهَا مَوْتَةٌ أَبَدًا، ثُمَّ رَدَّ الْبُرْدَ عَلَى وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثُمَّ خَرَجَ -رضي اللَّه عنه- إلى النَّاسِ، وَهُمْ مَا بَيْنَ مُنْكِرٍ، وَمُصَدِّقٍ؛ لِهَوْلِ الْأَمْرِ، فَرَأَى عُمَرَ -رضي اللَّه عنه- يُكَلِّمُ النَّاسَ، وَيَتَوَعَّدُ وَيُهَدِّدُ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَاتَ.


(١) أَمَّهُ: أي قصد. انظر النهاية (١/ ٧٠).
(٢) مُسَجًّى: أي مُغطى. انظر النهاية (٢/ ٣١٠).
(٣) الْبُرْدَةُ: نوع من الثياب معروف. انظر النهاية (١/ ١١٦).
(٤) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (٣/ ٤٥١): حِبَرة: بكسر الحاء وفتح الباء بوزن عنبة: نوع من برود اليمن مخططة غالية الثمن.
(٥) في رواية ابن إسحاق في السيرة (٤/ ٣١٣): ذقتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>