للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَزَّ وَجَلَّ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فنَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَتِيبَةُ الْإِسْلَامِ، وَأَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ رَهْطٌ مِنَّا، وَقَدْ دَفَّتْ دَافَّةٌ (١) مِنْ قَوْمِكُمْ، فَإِذَا هُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْتَزِلُونَا (٢) مِنْ أَصْلِنَا، وَيَحْضِنُونَا (٣) مِنَ الْأَمْرِ.

قَالَ عُمَرُ -رضي اللَّه عنه-: فَلَمَّا سَكَتَ أَرَدْتُ أَنْ أَتكَلَّمَ، وَكُنْتُ قَدْ زَوَّرْتُ (٤) مَقَالَةً أَعْجَبَتْنِي أَرَدْتُ أَنْ أُقَدِّمَهَا بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه-، وَكُنْتُ أُدَارِي مِنْهُ بَعْضَ الْحَدِّ (٥).

فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَتكَلَّمَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه-: عَلَى رِسْلِكَ (٦)، فكَرِهْتُ أَنْ أُغْضِبَهَ، فتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ كَانَ هُوَ أَحْلَمَ (٧) مِنِّي وَأَوْقَرَ، وَاللَّهِ مَا تَرَكَ مِنْ كَلِمَةٍ أَعْجَبتْنِي في تَزْوِيرِي إِلَّا قَالَ في بَدِيهَتِهِ مِثْلَهَا، أَوْ أَفْضَلَ مِنْهَا حَتَّى سَكَتَ.


(١) الدَّافَّةُ: القوم يسيرون جماعة سيرًا ليس بالشديد. انظر النهاية (٢/ ١١٧).
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (١٤/ ١٢٠): يريد أنكم قوم غرباء أقبلتم من مكة إلينا، ثم أنتم تريدون أن تستأثروا علينا.
(٢) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (١٤/ ١٢٠): يختزلونا: أي يقتطعونا عن الأمر، وينفردوا به دوننا. وفي رواية ابن إسحاق في السيرة (٤/ ٣١٦): يحتازونا.
(٣) في رواية ابن إسحاق في السيرة (٤/ ٣١٦): يغصبونا.
(٤) زَوَّرْتُ: أي هَيَّأْتُ وأَصْلَحْتُ. انظر النهاية (٢/ ٢٨٧).
(٥) الحَدُّ والحِدَّةُ سواء: مِنْ الغضبِ، يقال: حّدَّ يَحِدُّ حدًا: إذا غضب. انظر النهاية (١/ ٣٤٠). وفي رواية ابن حبان في صحيحه - رقم الحديث (٤١٤): الحِدَّة.
(٦) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (١٤/ ١٢٠): رِسلك: بكسر الراء أي على مهلك.
(٧) هذه رواية البخاري في صحيحه. وفي رواية الإِمام أحمد في مسنده: أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>