للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه- بَعْدَ أَنْ تَشَهَّدَ، وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ: أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا الْأَنْصَارُ، مَا ذَكَرْتُمْ فِيكُمْ مِنْ خَيْرٍ، فَأَنْتُمْ له أَهْلٌ، وَلَنْ تَعْرِفَ الْعَرَبُ هَذَا الأَمْرَ إِلَّا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ، هُمْ أَوْسَطُ (١) الْعَرَبِ نَسَبًا، وَدَارًا (٢).

وَفِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في مُسْنَدِهِ قَالَ عُمَرُ -رضي اللَّه عنه-: فتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا أُنْزِلَ في الْأَنْصَارِ، وَلَا ذَكَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ شَأْنِهِمْ، إِلَّا وَذَكَرَهُ، وَقَالَ: لَقَدْ عَلِمْتُمْ اَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَاديًا، وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ وَاديًا، سَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ" (٣)، وَلقدْ عَلِمْتَ يَا سَعْدُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ، وَأَنْتَ قَاعِدٌ: "قُريْشٌ وُلَاةُ هَذَا الْأَمْرِ، فَبَرُّ النَّاسِ تَبَعٌ لِبَرَهِمْ، وَفَاجِرُهُمْ تَبَعٌ لِفَاجِرِهِمْ"، فَقَالَ له سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ -رضي اللَّه عنه-: صَدَقْتَ، نَحْنُ الْوُزَرَاءُ، وَأَنْتُمُ الْأُمَرَاءُ (٤).

فَقَالَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْأَنْصَارِيُّ -رضي اللَّه عنه-: أَنَا جُذَيْلُهَا (٥) الْمُحَكَّكُ،


(١) أَوْسَط: أي خيارهم. انظر النهاية (٥/ ١٦٠).
(٢) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب الحدود - باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت - رقم الحديث (٦٨٣٠) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٣٩١) - وابن حبان في صحيحه - كتاب البر والإحسان - باب حق الوالدين - رقم الحديث (٤١٤).
(٣) هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه - كتاب مناقب الأنصار - باب قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار" - رقم الحديث (٣٧٧٩) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٨١٦٩).
(٤) أخرج ذلك الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٨) - وهو صحيح لغيره.
(٥) الجُذَيْلُ: هو تصغير جِذْلٍ، وهو العود الذي يُنصب للإبل الجربي لتحتك به، وهو تصغير تعظيم؛ أي أنا ممن يستشفى برأيه كما تستشفى الإبل الجربى بالاحتكاك بهذا العود. انظر النهاية (١/ ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>