للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَعَنَهُ اللَّهُ يَخْرُجُونَ بِهِمْ إِلَى الأَبْطُحِ إِذَا حَمِيَتِ الرَّمْضَاءُ، فَيُعَذِّبُونَهُمْ بِحَرِّهَا، فَمَرَّ بهم رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهُمْ يُعَذَّبُونَ فقال: "صَبْرًا آلَ يَاسِرٍ فإنَّ مَوْعِدَكُمُ الجَنَّةُ" (١).

فَمَاتَ ياسِرٌ في العَذَابِ، وَأَمَّا سُمَيَّةُ أُمّ عَمَّارٍ فَطَعَنَهَا أَبُو جَهْلٍ -لَعَنَهُ اللَّهُ- بِحَرْبَةٍ في قُبُلِهَا فَمَاتَتْ، وهِيَ أوَّلُ شَهِيدَةٍ في الإِسْلامِ (٢)

وَأَمَّا عَمَّارٌ -رضي اللَّه عنه- فنَزَلَ عَلَيْهِ أَبُو جَهْلٍ بالعَذَابِ الشَّدِيدِ بالحَرْقِ تَارَةً، وبالتَغْرِيقِ تَارَةً أُخْرَى، ولَمْ يَزَلِ المُشْرِكُونَ يُعَذِّبُونَهُ حتَّى سَبَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذَكَرَ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ فترَكُوهُ، فأَتَى النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهُوَ يَبْكِي، فَجَعَلَ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يَمْسَحُ عَنْ عَيْنَيْهِ، ويَقُولُ له: "مَا وَرَاءَكَ؟ " قال شَرٌّ يا رَسُولَ اللَّهِ! مَا تُرِكْتُ حتَّى نِلْتُ مِنْكَ وذَكَرْتُ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ، فَقَالَ لَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ؟ " قَالَ مُطْمَئِنًّا بالإيمَانِ، فقَالَ لَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنْ عَادُوا فَعُدْ"، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (٣).


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب مَعْرفة الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - باب إيذَاءِ الكفار آل ياسِرٍ - رقم الحديث (٥٦٩٦) - وقال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجه، ووافقه الذهبي - والبيهقي في دلائل النبوة (٢/ ٢٨٢).
(٢) انظر البداية والنهاية (٣/ ٦٥) - دلائل النبوة للبيهقي (٢/ ٢٨٢) - سيرة ابن هشام (١/ ٣٥٧).
(٣) سورة النحل آية (١٠٦).
والخبرُ أخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب التفسير - باب تفسير سورة النحل - رقم الحديث (٣٤١٣) - وقال: هذا حديث صحيح على شَرْط الشيخين، ولم يخرجاه، وأقرَّه الذهبي.=

<<  <  ج: ص:  >  >>