للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الشَّيْخُ عَلِي الطَّنْطاوِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: ودَعاهُمُ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى مَا هُوَ أشَدُّ مِنْ هَذَا كُلِّهِ، إِلَى فِراقِ الوَطَنِ، وتَركِ الأَهْلِ، وَأَنْ يَمْشُوا فِرارًا بِدِينِهِمْ إِلَى بِلادٍ لَيْسُوا مِنْهَا، ولَيْسَتْ مِنْهُمْ، ولا لِسَانها لِسانُهُمْ، ولا دِينُها دِينُهُمْ، إِلَى الحَبَشَةِ، فَخَرَجُوا مِنْ مَنازِلهِمْ وهَجَرُوا أهْلِيهِمْ، ومَشَوْا إِلَى الحَبَشَةِ، فَلَحِقَهُمْ أَذَى قُرَيْشٍ إلى الحَبَشَةِ، وأَوْغَلَتْ قُرَيْشٌ في كُفْرِها وصَدِّها وعِنادِها، ولَكِنْ هَلْ تَقْدِرُ قُرَيْشٌ أَنْ تُطْفِئَ نُورَ اللَّهِ تَعَالَى؟ (١).

* عَدَدُ المُهاجِرِينَ إِلَى الحَبَشَةِ:

فَخَرَجَ عِنْدَ ذَلِكَ جَماعَةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ إِلَى أَرْضِ الحَبَشَةِ مَخَافَةَ الفِتْنَةِ، وفرارًا إِلَى اللَّهِ بِدِينِهِمْ، فَكَانَتْ أَوَّلُ هِجْرَةٍ في الإِسْلامِ، وَذَلِكَ في رَجَبٍ مِنَ السَّنَةِ الخَامِسَةِ لِلْبِعْثَةِ، وَكَانُوا أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا وأرْبَعَ نِسْوَةٍ (٢).

وأَوَّلُ مَنْ خَرَجَ إِلَى الحَبَشَةِ هُوَ عُثْمانُ بنُ عَفَّانَ -رضي اللَّه عنه-، ومَعَهُ زَوْجُهُ رُقَيَّةُ بِنْتُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

رَوَى الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ إسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدٌ قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّهُما -أَيْ عُثْمانُ وَرُقَيَّةُ- لَأَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ بَعْدَ لُوطٍ وإبْراهِيمَ عَلَيْهِما السَّلامُ" (٣).


(١) انظر كتاب رجال من التاريخ للشيخ علي الطنطاوي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ص ١٤.
(٢) انظر الطبَّقَات الكُبْرى (١/ ٩٨) - زاد المعاد (٣/ ٢٦) - البداية والنهاية (٣/ ٧٤) - وفتح الباري (٧/ ٥٨٤).
(٣) أخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب معرفة الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - باب ذكر أوَّل =

<<  <  ج: ص:  >  >>