للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبِنَحْوِ الذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ ابنُ إسْحَاقَ، قَالَ: وبَلَغَ أصْحَابَ رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الذِينَ خَرَجُوا إِلَى الحَبَشَةِ إِسْلامُ أَهْلِ مَكَّةَ، فأقْبَلُوا لَمَّا بَلَغَهُمْ مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنْ مَكَّةَ، بَلَغَهُمْ أَنَّ إسْلامَ أَهْلِ مَكَّةَ كَانَ باطِلًا، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا بِجِوارٍ، أَوْ مُسْتَخْفِيًا، فَكَانَ مِمَّنْ قَدِمَ مِنْهُمْ، فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى هَاجَرَ إِلَى المَدِينَةِ، فَشَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا فَذَكَرَ مِنْهُمْ: عَبْدَ اللَّهِ بنَ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عنه- (١).

فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَصْنَعُونَ بِحَدِيثِ زَيْدِ بنِ أرْقَمٍ -رضي اللَّه عنه-؟

قِيلَ: قَدْ أُجِيبَ عَنْهُ بِجَوابَيْنِ، أحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْهُ قَدْ ثَبَتَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ أُذِنَ فِيهِ بِالمَدِينَةِ، ثُمَّ نُهِيَ عَنْهُ.

والثَّانِي: أَنَّ زَيْدَ بنَ أرْقَمٍ -رضي اللَّه عنه- كَانَ مِنْ صِغارِ الصَّحَابَةِ، وَكَانَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ يَتَكَلَّمُونَ في الصَّلَاةِ عَلَى عَادَتِهِمْ، وَلَمْ يَبْلُغْهُمُ النَّهْيُ، فَلَمَّا بَلَغُهُمْ انْتَهَوْا، وزَيْدٌ لَمْ يُخْبِرْ عَنْ جَمَاعَةِ المُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ بأنَّهُمْ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ في الصَّلَاةِ إِلَى حِينِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ، ولَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِذَلِكَ لَكانَ وَهْمًا مِنْهُ (٢).

* مُفاوَضَاتُ قُرَيْشٍ مَعَ أَبِي طَالِبٍ في أَمْرِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-:

أيْقَنَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ بَطْشَهَا بِالمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَنَيْلَهَا مِنْ غَيْرِهِمْ،


(١) انظر سيرة ابن هشام (١/ ٤٠٢).
(٢) انظر زاد المعاد (٣/ ٢٢ - ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>