للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إغْرَاءَاتُ قُرَيْشٍ لِلنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-

لَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَاضٍ فِي دَعْوَتِهِ، وأصْحَابُهُ يَزِيدُونَ ويَكْثُرُونَ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ، وَأَنَّ كُلَّ مُحَاوَلَاتِهَا فِي الصَّدِّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَصَرْفِ النَّاسِ عَنِ الاسْتِجَابَةِ لِدَاعِي اللَّهِ تَعَالَى قَدْ فَشِلَتْ، رَأَتْ أَنْ تُجَرِّبَ أُسْلُوبًا آخَرَ مِنَ المُفَاوَضَاتِ والإِغْرَاءَ، تَعْرِضُ فِيهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- المَالَ، أَوِ الجَاهَ، أَوِ المُلْكَ والسُّلْطَانَ، ظنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُ رُبَّمَا يُغْرِيهِ بَرِيقُ هَذهِ العُرُوضِ.

* حِوَارُ عُتْبَةَ بنِ رَبِيعَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-:

رَوَى ابنُ إسْحَاقَ: أَنَّ عُتْبَةَ بن ربِيعَةَ (١) -وكَانَ سَيِّدًا مُطَاعًا فِي قَوْمِهِ، وكَانَ قَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ مِنْ عُمُرِهِ- قَالَ يَوْمًا وَهُوَ جَالِسٌ فِي نَادِي قُرَيْشٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ وَحْدَهُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! أَلَا أَقُومُ إِلَى مُحَمَّدٍ فَأُكُلِّمَهُ وَأَعْرِضَ عَلَيْهِ أُمُورًا لَعَلُّهُ يَقْبَلُ بَعْضَهَا، فَنُعْطِيَهُ أيَّهَا شَاءَ، ويَكُفَّ عَنَّا؟ فَقَالُوا: بَلَى يَا أبَا الوَليدِ، قُمْ إِلَيْهِ فَكَلِّمْهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُتْبَةُ حَتَّى جَلَسَ إِلَى رَسُولِ


(١) هو عتبةُ بنُ ربيعةَ بنِ عبدِ شمسٍ، أَبُو الوليدِ، كبيرُ قُريشٍ وأحدُ ساداتِهَا فِي الجاهليةِ، كان مَوصوفًا بالرأيِ، والحِلْمِ، والفضلِ، خَطِيبًا، نافذَ القولِ، نشَأَ يَتِيمًا فِي حِجْرِ حَرب بن أميَّة، أدركَ الإِسلامَ، وطَغَى، فشهِدَ بدرًا مع المشركين، وكان ضَخْمَ الجُثَّةِ، عظيمَ الهامةِ، طلبَ خَوْذَةً يلبسُهَا يومَ بدرٍ فلم يجِدْ ما يسَعُ هامَتَهُ، فاعتَجَرَ على رأسِهِ بثوبٍ لَهُ، وقُتلَ فِي غزوةِ بدرٍ الكبرى كَافرًا لعنهُ اللَّه تَعَالَى. انظر كتاب الأعلام للزركلي (٤/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>