للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى حَادِثٍ وَقَعَ، يَعْلَمُونَهُ، وَلَا يُنْكِرُونَهُ، كَيْ يَقِفَهُمْ وَجْهًا لِوَجْهٍ أمَامَ نَمُوذَجٍ مِنَ النُّفُوسِ الخَالِصَةِ كَيْفَ تَتَلَقَّى هَذَا القُرْآنَ، وتَطْمَئِنَّ إِلَيْهِ، وتَرَى فِيهِ الحَقَّ، وتَعْلَمَ مُطَابَقتَهُ لِمَا بَيْنَ أيْدِيهَا مِنَ الكِتَابِ، ولَا يَصُدُّهَا عَنْهُ صَادٌّ مِنْ هَوَى وَلَا مِنْ كِبْرِياءٍ، وتَحْتَمِلُ فِي سَبِيلِ الحَقِّ الذِي آمَنَتْ بِهِ ما يُصِيبُهَا مِنْ أَذًى وَتَطَاوُلٍ مِنَ الجُهَلَاءِ، وتَصْبِرُ عَلَى الحَقِّ فِي وَجْهِ الأَهْوَاءِ وَوَجْهِ الإيذَاءَ. . . إنَّهَا صُورَةٌ وَضِيئَةٌ لِلنَّفْسِ المُؤْمِنَةِ المُطْمَئِنَّةِ إِلَى إيمَانِهَا. . تَفِيضُ بِالتَّرَفُّعِ عَنِ اللَّغْوِ. . كَمَا تَفِيضُ بِالسَّمَاحَةِ والوُدِّ. . وتَرْسُمُ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَتَأَدَّبَ بِأَدَبِ اللَّهِ طَرِيقَهُ وَاضِحًا لَا لُبْسَ فِيهِ. فَلَا مُشَارَكَةَ لِلْجُهَّالِ، وَلَا مُخَاصَمَةَ لَهُمْ، وَلَا مُوْجِدَةَ عَلَيْهِمْ، وَلَا ضَيْقَ بِهِمْ. إِنَّمَا هُوَ التَّرَفُّعُ، والسَّمَاحَةُ، وحُبُّ الخَيْرِ حَتَّى لِلْجَارِمِ (١) المُسِيءِ (٢).

* * *


(١) جَرَمَهُ: قَطَعَهُ. انظر لسان العرب (٢/ ٢٥٧).
(٢) انظر في ظلال القرآن (٥/ ٢٧٠٠ - ٢٧٠١) لسيد قطب رَحِمَهُ اللَّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>