للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدِ المُطَّلِبِ -رضي اللَّه عنه- قَرِيبٌ يَرَى ذَلِكَ، وهُمْ يَكْرَهُونَ أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصْحَابَهُ، فَيَشْمَتُوا بِهِمْ.

قَالَ ابنُ إسْحَاقَ: ومَعَ كُلِّ ذَلِكَ فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَدْعُو قَوْمَهُ لَيْلًا ونَهَارًا، سِرًّا وَجَهْرًا، مُبَادِيًا بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَتَّقِي فِيهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ (١).

قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّد الغَزَالِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -مُعَلِّقًا عَلَى كَلَامِ ابْنِ إِسْحَاقَ-: لِأَنَّ الِاضْطِهَادَ لَا يَقْتُلُ الدَّعَوَاتِ، بَلْ يَزِيدُ جُذُورَهَا عُمْقًا وفُرُوعَهَا امْتِدَادًا، وَقَدْ كَسِبَ الإِسْلَامُ أنْصَارًا كَثِيرًا فِي هَذِهِ المَرْحَلَةِ، وكَسِبَ إِلَى جَانِبِ ذَلِكَ أَنَّ المُشْرِكِينَ قَدْ بَدَؤُوا يَنْقَسِمُونَ عَلَى أنْفُسِهِمْ، ويَتَسَاءَلُونَ عَنْ صَوَابِ مَا فَعَلُوا، وشَرَعَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَعْمَلُ عَلَى إبْطَالِ هَذِهِ المُقَاطَعَةِ، ونَقْضِ الصَّحِيفَةِ التِي تَضَمَّنَتْهَا (٢).

* وِلَادَةُ حَبْرِ الأُمَّةِ وتَرْجُمَانِ القُرْآن:

وَفِي فَتْرَةِ المُقَاطَعَةِ فِي الشِّعْبِ وُلدَ حَبْرُ الْأُمَّةِ، وتَرْجُمَانُ القُرْآنِ عَبْدُ اللَّهِ بنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هُوَ حَبْرُ الأُمَّةِ، وفَقِيهُ العَصْرِ، وإمَامُ التَّفْسِيرِ، أَبُو العَبَّاسِ، عَبْدُ اللَّهِ ابنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ


(١) انظر سيرة ابن هشام (١/ ٣٩٢) - دلائل النبوة لأبي نعيم (١/ ٢٧٦).
(٢) انظر كتاب فقه السيرة ص ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>