للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفَاةُ أَبِي طَالِبٍ (١)

وَلَمْ يَلْبَثْ أَبُو طَالِبٍ أَنْ وَافَتْهُ المَنِيَّةُ، وكَانَتْ وَفَاتُهُ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنَ الشِّعْبِ في آخِرِ السَّنَةِ العَاشِرَةِ مِنَ المَبْعَثِ (٢)، وذَلِكَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ وهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً (٣).

ولَمَّا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ (٤) دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ وعَبْدُ اللَّهُ


(١) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٥٩١) والإصابة (٧/ ١٩٦): أبو طالب، واسمُهُ عندَ الجَمِيعِ عَبْدُ مَنَافٍ، وُلدَ قبل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بخمس وثلاثين سنة، وكان شَقِيقَ عبدِ اللَّهِ والدَ رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولذلكَ أَوْصَى به عبدُ المُطَّلِبِ عِنْدَ موتِهِ فكفِلَهُ إلى أن كَبُرَ، واستمَرَّ علي نَصْرِهِ بعد أن بُعِث إلى أن مات أبو طالب، وكان يَذُبُّ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويَرُدُّ عنه كل من يُؤْذِيهِ، وأخباره في حِيَاطَتِهِ، والذَّبِّ عنه مَعروفة مشهورَة، ومما اشتهر من شِعْرِهِ في ذلك قوله:
واللَّهِ لَنْ يَصِلُوا إليكَ بِجمِعِهِمْ ... حتَّى أُوسَّدَ في التُّرَابِ دَفِينَا
وهو مُقيمٌ مع ذلك علي دِين قومهِ، وتوفي بعد خُرُوجه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الشِّعبِ في العَام العاشر منَ المَبْعَثِ.
(٢) قلتُ: اخْتُلِفَ في الشهر الَّذي مات فيه أبو طالب، فقيل: في رمضان، وقيل: في شوال، وقيل: في رجب. واللَّه أعلم.
(٣) انظر فتح الباري (٧/ ٥٩١) - زاد المعاد (١/ ٩٥) - الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (١/ ٥٩).
(٤) قال الإمام النووي في شرح مسلم (١/ ١٩٠): المراد قربَتْ وفاته، وحضَرَت دلائلها، وذلك قبل المُعَايَنهِ والنَّزْعِ، ولو كان في حالِ المُعاينة لما نَفَعَهُ الإيمان لقوله تَعَالَى في سورة النساء آية (١٨): {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ}. ويدُل علي أنَّه قبل المُعَاينة محاوَرَتُهُ للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومعَ كُفَّارِ قريش.

<<  <  ج: ص:  >  >>