للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَارَّةِ (١) -. فَقَالَ: أيْنَ تُرِيدُ يَا أبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أخْرَجَنِي قَوْمِي (٢) فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ (٣) في الأَرْضِ وأَعْبُدَ رَبِّي، قَالَ ابْنُ الدُّغُنَّةِ: فَإِنَّ مِثْلَكَ يَا أبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ ولَا يُخْرَجُ، إِنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ (٤)، فأَنَا لَكَ جَارٌ (٥). ارْجعْ وَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبَلَدِكَ، فَرَجَعَ، وارْتَحَلَ مَعَهُ ابنُ الدُّغُنَّةِ، فَطَافَ ابنُ الدُّغُنَّةِ عَشِيَّةً في أشْرَافِ قُرَيْشٍ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ مِثْلُهُ (٦) ولَا يُخْرَجُ (٧)، أتُخْرِجُونَ


= عند أهل اللغة، وعند الرواة بفتح أوله وكسر ثانيه وتخفيف النون.
والدغنَّةُ هي أمُّه، وقيل: أمُّ أبيه، وقيل دابَّته، ومعنى الدُّغنة: المُسْتَرْخِيَةُ وأصلها الغَمَامَةُ الكثيرة المَطَر.
(١) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٦٣٩): القَارَّة: هي قبيلةٌ مشهورةٌ من بَنِي الهون، بالضم، والتخفيف، ابن خزيمةَ بن مدركةَ بنِ إلياسَ بن مُضَر، وكانوا حلفاءَ بني زُهرة من قريش، وكانوا يضرب بهم المثل في قوة الرَّمْي.
(٢) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٦٣٩): أي تسببوا في إخراجي.
(٣) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٦٤٠): لعل أبا بكر طَوَى عن ابنِ الدُّغُنَّةِ تعيينَ جهة مَقصده لكونه كان كَافرًا، وإلا فقد تقدَّم أنَّه قَصَد التوجُّهَ إلى أرض الحبشةِ، ومن المعلومِ أنَّه لا يَصِلُ إليها من الطريق التي قصدها حتَّى يسيرَ في الأرضِ وحدَهُ زَمَانًا فيَصْدُق أنَّه سَائِحٌ، لكن حقيقةُ السياحة أن لا يَقْصِدَ مَوْضِعًا بعييهِ يَسْتَقِرُّ فيه.
(٤) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٦٤٠): وفي موافقةِ وصْفِ ابنِ الدُّغُنَّةِ لأبي بكر بمِثْلِ ما وصَفَتْ به خَدِيجَةُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ما يدُل علي عَظِيم فَضْلِ أبي بكر -رضي اللَّه عنه-، واتِّصَافِهِ بالصفاتِ البالغَةِ في أنواعِ الكمال.
(٥) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٦٤٠): أي مجير أمنع من يؤذيك.
(٦) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٦٤٠): أي مِنْ وطنِهِ باختيارِهِ علي نيَّةِ الإقامة في غيره مع ما فيه من النَّفعِ المُتَعَدِّي لأهل بلدِهِ.
(٧) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٦٤٠): أي ولا يخرجه أحد بغيرِ اختيارِهِ للمعنى المذكور، =

<<  <  ج: ص:  >  >>