للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: وَقَدْ أُرْسِلَ (١) إِلَيْهِ؟

قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ (٢)، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ. فَفُتِحَ لَنَا.

قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَلَمَّا عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَإِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ عَنْ يَمِينهِ أسْوِدَةٌ (٣) وَعَنْ يَسَاور أَسْوِدَةٌ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ"؟

قَالَ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ.

ثُمَّ قَالَ: مَرْحبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ.

ثُمَّ قَالَ جِبْرِيلُ: وَهَذِهِ الأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ (٤)، فَأَهْلُ


(١) قال الإِمام النووي في شرح مسلم (١/ ١٨٥): أي أرسل إليه للإسراء وصُعُود السموات، وليس مُرَادهُ الاستفهامُ عن أصلِ البِعْثَةِ والرِّسالة، فإن ذلك لا يَخْفى عليه إلى هذه المُدَّة، فإذا هو الصحيح.
وقال الحافظ في الفتح (٧/ ٦١٠): والحكمةُ في سُؤَال الملائكة: وقد أُرْسِلَ إليه؟ أن اللَّه تَعَالَى أراد إطلاعَ نَبِيِّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- على أنه معروفٍ عند الملأ الأعلى؛ لأنهم قالوا: وقد أُرْسِلَ إليه. . . فدل على أنهم كانوا يعرفون أن ذلك سَيَقَعُ له، وإلا لكانُوا يقولون: ومن مُحَمَّد؟ مثلًا.
(٢) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٦١٠): أي أصابَ رَحْبًا وسَعَةً.
(٣) قال الحافظ في الفتح (٢/ ٧): أسوِدَة: بوزن أزمِنَة، وهي الأشخَاصُ.
(٤) قال الحافظ في الفتح (٢/ ٧): النَّسَمُ جمعُ نَسَمَةٍ، وهي الرُّوح، وظاهره أن أروَاحَ بَنِي آدَمَ من أهلِ الجنَّة والنار في السماء، وهو مُشْكِلٌ، قال القاضي عياض رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قد جَاءَ أَنَّ أرواحَ الكفَّار في سِجِّين، وأن أرواح المؤمنين مُنَعَّمَةٌ في الجنة، يعني فكيفَ تكونُ مُجْتَمِعَةً في سَمَاءِ الدُّنيا؟
وأجابَ: بأنه يحتمل أنها تُعْرَض على آدم أوْقَاتًا، فصادفَ وقتُ عرضها مُرُورَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويدل على أن كونهم في الجنة والنار إنما هو في أوقات دونَ أوقاتٍ قوله تَعَالَى في سورة غافر آية (٤٦): {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا}.

<<  <  ج: ص:  >  >>