للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مُشْكِلِ الآثَارِ، والطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: انْشَقَّ القَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: هَذَا سِحْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ (١)، وقَالُوا: انْتَظِرُوا مَا يَأْتِيكُمْ بِهِ السُّفَّارُ (٢)، فَإِنَّ مُحَمَّدًا لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْحَرَ النَّاسَ كُلَّهُمْ، فَجَاءَ السُّفَّارُ، فَقَالُوا: ذَاكَ (٣).

قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَدْ شُوهِدَ ذَلِكَ -أَي انْشِقَاقُ القَمَرِ- فِي كَثِيرٍ مِنْ بِقَاعِ الأَرْضِ، ويُقَالُ أَنَّهُ أُرِّخَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ بِلَادِ الهِنْدِ (٤).

وَقَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ وَقَعَ انْشِقَاقُ القَمَرِ لَجَاءَ مُتَوَاتِرًا واشْتركَ أَهْلُ الأَرْضِ فِي مَعْرِفَتِهِ وِلَمَا اخْتُصَّ بِهَا أَهْلُ مَكَّةَ.

وَجَوَابُهُ: أَنَّ ذَلِكَ وقَعَ لَيْلًا، وَأَكْثَرُ النَّاسِ نِيَامٌ، وَالأَبْوَابُ مُغْلَقَةٌ، وَقَلَّ مَنْ يَرْصُدُ السَّمَاءَ إِلَّا النَّادِرُ، وَقَدْ يَقَعُ بِالمُشَاهَدَةِ فِي العَادَةِ أَنْ يَنْكَسِفَ القَمَرُ،


= سِحْرٌ سَحَرَنا به.
والحديث أخرجه مسلم في صحيحه - صفات المنافقين وأحكامهم - باب انشقاق القمر - رقم الحديث (٢٨٠٢) وأخرجه أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٢٦٨٨).
(١) قال الحافظ في الفتح (١/ ٥٨): وابن أبي كَبْشَةَ أرادُوا به رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأبو كَبْشَةَ هو الحارِثُ بن عَبْدِ العُزَّى والد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- من الرضاعة، زوجُ حَلِيمَةَ السعدية.
(٢) السُّفَّار: أي المُسَافرون. انظر النهاية (٢/ ٣٣٥).
(٣) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (٦٩٧) - والطيالسي في مسنده - رقم الحديث (٢٩٣).
(٤) انظر البداية والنهاية (٣/ ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>