للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْمِهِ، وَهذَا كَعْبُ بنُ مَالِكٍ.

قَالَ كَعْبٌ: فَوَاللَّهِ مَا أَنْسَى قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الشَّاعِرُ؟ " (١).

قَالَ كَعْبٌ: نَعَمْ.

قَالَ كَعْبٌ: . . . وَخَرَجْنَا إِلِى الحَجِّ، فَوَاعَدَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- العَقَبَةَ مِنْ أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَلَمَّا فَرعْنَا مِنَ الحَجِّ، وَكَانَت اللَّيْلَةُ التِي وَعَدَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَمَعَنَا عَبْدُ اللَّهِ بنُ عَمرِو بنِ حَرَامٍ، أَبُو جَابِرٍ سَيِّدٌ مِنْ سَادَاتِنَا، وَكُنَّا نَكْتُمُ مَنْ مَعَنَا مِنْ قَوْمِنَا مِنَ المُشْرِكِينَ أَمْرَنَا، فَكَلَّمْنَاهُ، وَقُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا جَابِرٍ، إِنَّكَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا، وَشَرِيفٌ مِنْ أَشْرَافِنَا، وَإِنَّا نَرْغَبُ بِكَ عَمَّا أَنْتَ فِيهِ أَنْ تَكُونَ حَطَبًا لِلنَّارِ غَدًا، ثُمَّ دَعَوْتُهُ إِلَى الإِسْلَامِ، وَأَخْبَرتُهُ بِمِيعَادِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَسْلَمَ، وَشَهِدَ مَعَنَا العَقَبَةَ، وَكَانَ نَقِيبًا.

قَالَ كَعْبٌ: فَنِمنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَعَ قَوْمِنَا فِي رِحَالِنَا (٢)، حَتَّى إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَهدَأَت الرِّجْلُ (٣)، خَرَجْنَا مِنْ رِحَالِنَا لِمِيعَادِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَتَسَلَّلُ (٤) مُسْتَخْفِينَ تَسَلُّلَ القَطَا (٥)، حَتَّى اجْتَمَعنَا فِي الشِّعْبِ عِنْدَ العَقَبَةِ، وَنَحْنُ ثَلَاثَةٌ


(١) قلتُ: سبَبُ فَرَحِ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بكعبِ بنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه- كونه شاعِرًا؛ لأنَّ الشِّعْرَ يُعْتَبَرُ من أهمِّ وسائِلِ الإعلام المَوْجُودَةِ في ذلكَ الوَقْتِ، فكأنَّهُ سَيَنْشُرُ الدعوةَ بشِعرِهِ كما لا يَنْشُرُهَا أحدٌ غيرُهُ لا يملِكُ هذه المَوْهِبَةَ.
(٢) الرِّحَالُ: يعنِي الدُّورُ والمَسَاكِنُ والمنازل. انظر لسان العرب (٥/ ١٦٩).
(٣) أي قَلّ المَشْيُ، وقلَّتْ حركَةُ النَّاس.
(٤) تَسَلَّلَ: انطلَقَ في استِخْفَاءٍ. انظر لسان العرب (٦/ ٣٣٨).
(٥) القَطَا: طائِرٌ مَعْرُوف، سُمي بذلك لثِقَلِ مَشْيِهِ. انظر لسان العرب (١١/ ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>