للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آوَى (١) لِي رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُم، فَقَالَ: وَيْحَكَ! ! أَمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ قُرَيْشٍ جِوَارٌ وَلَا عَهْدٌ؟ فَقَالَ سَعْدٌ: بَلَى وَاللَّهِ، لَقَدْ كُنْتُ أُجِيرُ لِحُبَيْرِ بنِ مُطْعِمِ بنِ عَدِيٍّ تُجَّارَهُ، وَأَمْنَعُهُم مِمَّنْ أَرَادَ ظُلْمَهُم بِبلَادِي، وَلِلْحَارِثِ بنِ حَرْبِ بنِ أُمَيَّةَ، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ! ! فَاهْتِفْ بِاسْمِ الرَّجُلَيْنِ، وَاذْكُر مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمَا، قَالَ: فَفَعَلْتُ، وَخَرَجَ ذَلِكَ الرَّجُلُ إِلَيْهِمَا، فَوَجَدَهُمَا فِي المَسْجِدِ عِنْدَ الكَعْبَةِ، فَقَالَ لَهُمَا: إِنَّ رَجُلًا مَنَ الخَزْرَجِ الآنَ يُضْرَبُ بِالأَبْطَحِ (٢) يَهْتِفُ بِكُمَا، وَيَذْكُرُ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَكُمَا جِوَارًا، قَالَا: مَنْ هُوَ؟

قَالَ: سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ، قَالَا: صَدَقَ وَاللَّهِ، إِنْ كَانَ لَيُجِيرُ لَنَا تُجَّارَنَا، وَيَمْنَعُهُمْ أَنْ يُظْلَمُوا بِبَلَدِهِ، قَالَ: فَجَاءَا فَخَلَّصَا سَعدًا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِم، فَانْطَلَقَ، وَكَانَ الذِي لَكَمَ سعْدًا، سُهيْلُ بنُ عَمرٍو (٣)، وَالرَّجُلُ الذِي آوَى لَهُ أَبَا البَخْتَرِيِّ بنَ هِشَامٍ (٤).

وَكَانَتِ الأَنْصَارُ ائْتَمَرَتْ حِينَ فَقَدُوا سَعْدًا -رضي اللَّه عنه-، أَنْ يَكُرُّوا (٥) إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ قَدْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ، فَرَحَلَ القَوْمُ جَمِيعًا إِلَى المَدِينَةِ (٦).


(١) آوى له: أي رَقَّ ورَحمَ. انظر لسان العرب (١/ ٢٧٥).
(٢) الأبطُح: هو أبْطُح مكة، وهو مَسِيلُ وَادِيها. انظر النهاية (١/ ١٣٤).
(٣) سُهيل بن عَمرو أسلم -رضي اللَّه عنه- في فتح مكة وحسن إسلامه.
(٤) أبو البُخْتُرِي بن هشام قُتِل كَافرًا في غزوة بدر الكبرى.
(٥) الكَرُّ: الرُّجوع. انظر لسان العرب (١٢/ ٦٤).
(٦) أخرج تفاصيل بيعة العقبة الثانية: الإمام أحمد في مسنده بأسانيد قوية وحسنة - رقم الحديث (١٥٧٩٨) - (١٤٦٥٣) - (١٤٤٥٦) - وابن حبان في صحيحه بسند صحيح =

<<  <  ج: ص:  >  >>