للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحبَسَنِي بَنُو المُغِيرَةِ عِنْدَهُمْ، وَانْطَلَقَ زَوْجِي أَبُو سَلَمَةَ إِلَى المَدِينَةِ، قَالَتْ: فَفُرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَ زَوْجِي وَبَيْنَ ابْنِي، قَالَتْ: فكُنْتُ أَخْرُجُ كُلَّ غَدَاةٍ (١) فَأَجْلِسُ بِالأَبْطَحِ (٢)، فَمَا أَزَالُ أَبْكِي، حَتَّى أُمْسِي، سَنَةٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، حَتَّى مَرَّ بِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَمِّي، أَحَدِ بَنِي المُغِيرَةِ، فَرَأَى مَا بِي، فَرَحِمَنِي، فَقَالَ لِبَنِي المُغِيرَةِ: أَلَا تُحَرِّجُونَ (٣) مِنْ هَذِهِ المِسْكِينَةِ؟ فَرَّقْتُمْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا، قَالَتْ: فَقَالُوا لِي: الْحَقِي بِزَوْجِكِ إِنْ شِئْتِ، قَالَتْ: وَرَدَّ بَنُو عَبْدِ الأَسَدِ إِلَيَّ عِنْدَ ذَلِكَ ابْنِي، قَالَتْ: فَارْتَحَلْتُ بَعِيرِي، ثُمَّ أَخَذْتُ ابْنِي فَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِي، ثُمَّ خَرَجْتُ أُرِيدُ زَوْجِي بِالمَدِينَةِ، قَالَتْ: وَمَا مَعِي أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، فَقُلْتُ: أَتَبْلَّغُ بِمَنْ لَقِيتُ حَتَّى أَقْدُمَ عَلَى زَوْجِي، حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِالتَّنْعِيمِ (٤) لَقِيتُ عُثْمَانَ بنَ طَلْحَةَ بنِ أَبِي طَلْحَةَ -رضي اللَّه عنه-، أَخَا بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَقَالَ لِي: إِلَى أَيْنَ يَا بْنَتَ أَبِي أُمَيَّةَ؟

قُلْتُ قَالَتْ: فَقُلْتُ: أُرِيدُ زَوْجِي بِالمَدِينَةِ، قَالَ: أَوَ مَا مَعَكِ أَحَدٌ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، إِلَّا اللَّهُ وَابْنِي هَذَا، قَالَ: وَاللَّهِ مَالَكِ مِنْ مَتْرَكٍ، فَأَخَذَ خِطَامَ


(١) الغُدْوَة: بضم الغين: البُكْرَة ما بَيْنَ صلاةِ الفجرِ وطلوعِ الشَّمس. انظر لسان العرب (١٠/ ٢٦).
(٢) الأبْطَح: يعني أبطَحَ مكَّة، وهو مسيل واديها. انظر النهاية (١/ ١٣٤).
(٣) تحَرَّجَ فلانٌ: إذا فعَلَ فِعْلًا يتَحَرَّج به منَ الحَرَجِ، والحَرَجُ: هو الإثْمُ والضِّيق. انظر لسان العرب (٣/ ١٠٧).
(٤) التَّنْعِيمُ: موضعٌ بمكة فِي الحِلِّ، وهو بين مكة وسَرِفَ على فَرْسَخين من مكة. انظر معجم البلدان (١/ ٤٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>